للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وينبغي التنويه إلى أنّ الاهتمام بجانب الاقتصاد لم يكن جديد النشأة كما يرى الكُتَّاب الغربيون ومن سار على طريقتهم, فإنه جديد بالنسبة لهم؛ إذ إنهم لم يعرفوا هذا الجانب إلّا في أواخر القرن الثامن عشر بعد ظهور الثورة الصناعية, ولهذا فهم لم يعترفوا بفضل من سبقهم من الأمم الذين عرفت لهم إسهامات في جوانب متعددة من القضايا الاقتصادية التي كانت متصلة بحياتهم المعيشية, وإن لم تكن دراسة بالمفهوم الاقتصادي الواسع١، كما قرره العلماء فيما بعد.

ولكنَّهم كانوا قادة خير وبركة على من بعدهم, ومصدرًا يفيض حكمة ومعرفة, كيف وأن الموجه للإنسان منذ نشأته الأولى هو رب العالمين, الذي علَّم آدم كل ما يحتاجه من أمر دينه ودنياه, ومن هنا نجد أن الجانب الاقتصادي له أهميته في الإسلام, وللإسلام حلوله التي اختص بها, ونظرته الشاملة له على ضوء العقيدة الإلهية الشاملة لكل جوانب الحياة الاجتماعية، التي أمر الله المسلم باتباعها واجتناب كل ما يضادها من الأنظمة البشرية, تلك العقيدة التي ينتج عنها المراقبة الذاتية للمسلم في كل تصرفاته مع نفسه ومع أبناء دينه, ومع غيرهم من سائر البشرية التي ترتكز على ملاحظة المفاهيم للكون وللحياة, وبالتالي موقع الاقتصاد منها. وكذلك ملاحظة التفريق بين المعاملات الصحيحة وغير الصحيحة, العقيدة التي تقول للمسلم: إن الله أجاز لك البيع والشراء, لكنه حرَّم الربا, وأجاز الملكية الخاصة الفردية, ولكنه جعل لها نظامًا ينسجم مع الملكية العامة؛ إذ ليس فيه تغليب جانب على آخر كما هو الحال في


١ انظر النظام الاقتصادي في الإسلام ص٣٤-٣٥.

<<  <   >  >>