للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المكاسب الخبيثة, وملكه له ليس يحله له, ومن المكاسب المشروعة إحياء الأراضي الموات التي لم يسبق أحد إلى امتلاكها قبل المحيي لها؛ إذ تصبح ملكًا شرعيًّا له لورود النصوص بذلك, قال عمر -رضي الله عنه: "من أحيا أرضًا ميتة فهي له"١، بل ويحقّ تملك الأرض المحتجرة إذا طال عليها الحال دون الاستفادة منها ففي بعض الروايات: "من أحيا أرضًا ميتة فهي له، وليس لعرق ظالم حق"٢.

ويروى عن أبي حنيفة أنه اشترط إذن الحاكم منعًا للنزاع الذي ربما ينشأ بين المتنافسين لامتلاكها٣، وهو أمر واقع ملموس حينما يتسابق الناس لامتلاك أرض جديدة، والذي يظهر والله أعلم أن الأمر يحتاج إلى تفصيل, أي: إذن الحاكم أو عدم إذنه؛ بحيث ينظر فيه إلى حقيقة الحال من حيث حصول النزاع أو عدم حصوله, فإن لم يؤد الإحياء إلى النزاع فهو إحياء صحيح لا يتطلّب إذن الحاكم كما تفيده النصوص النبوية, وإن كان الإحياء يؤدي إلى النزاع والفتنة فإن ملكية الأرض تنتقل إلى الحاكم وهو الذي يتصرف فيها حسب المصلحة العامة من توزيعها أو حجرها لمصالح المسلمين؛ لأن الدولة هي المسئولة أمام الله عن توزيع الأموال العامة بما تعود مصلحته على الجماعة, بما فيهم القائمون على تلك المصالح.


١ أخرج البخاري ج٥، ص١٨.
٢ انظر فتح الباري ج٥، ص١٨.
٣ انظر "النظام الاقتصادي في الإسلام" ص٩٦. نقلًا عن كتاب "الخراج"، لأبي يوسف ص٦٥.

<<  <   >  >>