للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورغم وضوح الإلحاد في المذهب العلماني, فقد ظهر من يزعم زورًا وكذبًا أنه لا منافاة بين العلمانية وبين الدين، وأخذ بعض الجاهلين والمتجاهلين يرددون هذا الفكر المغالط كالاشتراكيين تمامًا، على أنه لا ينبغي أن يغيب عن ذهن القارئ أن حرب الغرب للدين وأهله إنما جاءهم من دين محرَّف معادٍ لكل مفهوم للحياة الجديدة؛ لأن النصرانية التي جاء بها المسيح -عليه السلام- قد اندثرت وحرِّفت وضاع إنجيله بعد رفعه بفترة قصيرة، فتزعَّم الديانة بولس اليهودي الحاقد، فجاءت خرافية مصادمة للعقل والمنطق والواقع، ومن هنا وجد أقطاب العلمانية أن الدِّين -وهو تعميم خاطئ- لا يمكن أن يساير حضارتهم الناشئة، وأن رجال دينهم طغاة الكنيسة لا يمكن أن يتركوهم وشأنهم -وهو ما حدث بالفعل, وعلى إثر ذلك قامت المعركة بين الدين وأقطاب العلمانية، ونشط العلمانيون في بسط نفوذهم، وساعدتهم على ذلك عامَّة الشعوب الأوربية التي أذاقتها الكنيسة الذل والهون والالتزام بدين لا يقبله عقل أو منطق، فوجدوا في الالتجاء إلى رجال الفكر العلمانيين خير وسيلة للخروج عن أوضاعهم.

وإذا كان القارئ يرى أن للغرب حجَّتهم في رفض ذلك الدين البولسيّ الجاهلي، فإنه سيرى حتمًا أن انتشار العلمانية في بلاد المسلمين أمر لا مبرر له بأي حال، ولا سبب له إلّا قوة الدعاية العلمانية, وجهل كثير من المسلمين بدينهم, وجهلهمم كذلك بما تبيته العلمانية للدين وأهله, واتِّبَاعًا للدعايات البراقة.

<<  <   >  >>