إن الحديث تغر القوم خلوته ... حتى يلجّ بهم عي وإكثار
وفي المثل المضروب:«كل مجر في الخلاء مسرّ» ، ولم يقولوا مسرور. وكل صواب.
فلا تثق في كلامك برأي نفسك، فإني ربما رأيت الرجل متماسكا وفوق المتماسك، حتى إذا صار إلى رأيه في شعره، وفي كلامه، وفي ابنه، رأيته متهافتا وفوق المتهافت.
وكان زهير بن أبي سلمى، وهو أحد الثلاثة المتقدمين، يسمي كبار قصائده «الحوليات» .
وقال نوح بن جرير: قال الحطيئة: «خير الشعر الحوليّ المنقّح» .
قال وقال: البعيث الشاعر، وكان أخطب الناس:«إني والله ما أرسل الكلام قضيبا خشيبا «١» ، وما أريد أن أخطب يوم الحفل إلا بالبائت المحكك» .
وكنت أظن أن قولهم «محكك» كلمة مولدة، حتى سمعت قول الصعب بن علي الكناني:
أبلغ فزارة أن الذئب آكلها ... وجائع سغب شرّ من الذيب
أزل أطلس ذو نفس محككة ... قد كان طار زمانا في اليعاسيب «٢»
وتكلم يزيد بن أبان الرقاشي، ثم تكلم الحسن، وأعرابيان حاضران فقال أحدهما لصاحبه: كيف رأيت الرجلين؟ فقال: أما الأول فقاص مجيد، وأما الآخر فعربي محكك.
قال: ونظر أعرابي إلى الحسن، فقال له رجل: كيف تراه؟ قال: أرى خيشوم حرّ.