تراني أحرّم حلالا، أو أحلّل حراما؟ وإنما كان يتلو الآية التي فيها ذكر الجنة والنار، والموت والحشر، وأشباه ذلك.
وقد كان عبد الصمد بن الفضل، وأبو العباس القاسم بن يحيى، وعامة قصاص البصرة، وهم أخطب من الخطباء، يجلس إليهم عامة الفقهاء.
وقد كان النهي ظاهرا عن مرثية أمية بن أبي الصلت لقتلى أهل بدر، كقوله:
ماذا ببدر بالعقن ... قل مرازبة جحاجح
هلا بكيت على الكرام ... بني الكرام أولي الممادح
وروى ناس شبيها بذلك في هجاء الأعشى لعلقمة بن علاثة. فلما زالت العلة زال النهي.
وقال وائلة بن خليفة، في عبد الملك بن المهلّب:
قد صبرت للذلّ أعواد منبر ... تقوم عليها، في يديك قضيب
بكى المنبر الغربي إذ قمت فوقه ... وكادت مسامير الحديد تذوب
رأيتك لما شبت أدركك الذي ... يصيب سراة الأسد حين تشيب
سفاهة أحلام وبخل بنائل ... وفيك لمن عاب المزون عيوب
قال: وخطب الوليد بن عبد الملك فقال: «إن أمير المؤمنين كان يقول: إن الحجاج جلدة ما بين عينيّ، ألا وإنه جلدة وجهي كله» .
وخطب الوليد أيضا فذكر استعماله يزيد بن أبي مسلم بعد الحجاج فقال:
«كنت كمن سقط منه درهم فأصاب دينارا» .
شبيب بن شيبة قال: حدثني خالد بن صفوان قال: خطبنا يزيد بن المهلّب بواسط فقال: «إني قد أسمع قول الرعاع: قد جاء مسلمة، وقد جاء العباس، وقد جاء أهل الشام، وما أهل الشام إلا تسعة أسياف، سبعة منها معي، واثنان منها عليّ، وأما مسلمة فجرادة صفراء. وأما العباس فنسطوس