به، فإن السامع سريك القائل، وإنما نظر إلى شر ما في وعائه فأفرغه في وعائك، ولو ردّت كلمة جاهل في فيه لسعد رادها، كما شقي قائلها.
عوانة قال: اختصم إلى زياد رجلان في حق كان لأحدهما على الآخر، فقال المدّعى عليه: أيها الأمير، إنه ليسطو عليّ بخاصة ذكر أنها له منك.
فقال زياد: صدق، وسأخبرك بمنفعتها له: أن يكن الحق له عليك أخذتك به، وإن يكن لك عليه حكمت عليه ثم قضيت عنه.
قال: ولما توفي أبو بكر الصديق رحمه الله، قامت عائشة على قبره فقالت: نضّر الله وجهك، وشكر لك صالح سعيك، فلقد كنت للدنيا مذلا بادبارك عنها، وللآخرة معزا بإقبالك عليها. وإن كان لأجل الأرزاء بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رزؤك، ولأكبر المصائب فقدك. وإن كتاب الله ليعيد بجميل العزاء عنك حسن العوض منك. فأنتجز من الله موعوده فيك بالصبر عنك، واستخلصه بالاستغفار لك.
وقامت فرغانة بنت أوس بن حجر على قبر الأحنف بن قيس وهي على راحلة، فقالت: إنّا لله وإنا إليه راجعون. رحمك الله أبا بحر من مجنّ في جنن، ومدرج في كفن، فو الذي ابتلانا بفقدك، وأبلغنا يوم موتك، لقد عشت حميدا، ومت فقيدا، ولقد كنت عظيم الحلم، فاضل السلم، رفيع العماد، واري الزناد، منيع الحريم، سليم الأديم، وإن كنت في المحافل لشريفا، وعلى الأرامل لعطوفا، ومن الناس لقريبا، وفيهم لغريبا. وإن كنت لمسوّدا، وإلى لخلفاء لموفدا، وإن كانوا لقولك لمستمعين، ولرأيك لمتبعين. ثم انصرفت.