وأيضا إن حمل العصا والمخصرة دليل على التأهب للخطبة، والتهيؤ للإطناب والإطالة، وذلك شيء خاص في خطباء العرب، ومقصور عليهم، ومنسوب إليهم. حتى أنهم ليذهبون في حوائجهم والمخاصر بأيديهم، ألفا لها، وتوقعا لبعض ما يوجب حملها، والإشارة بها.
وعلى ذلك المعنى أشار النساء بالمآلي «١» وهن قيام في المناحات، وعلى ذلك المثال ضربن الصدور بالنعال.
وإنما يكون العجز والذلة في دخول الخلل والنقص على الجوارح، وأما الزيادة فيها فالصواب فيه. وهل ذلك إلا كتعظيم كور العمامة، وإتخاذ القضاة القلانس العظام في حمّارة القيظ، وإتخاذ الخلفاء العمائم على القلانس فإن كانت القلانس مكشوفة زادوا في طولها وحدة رؤوسها، حتى تكون فوق قلانس جميع الأمة.
وكذلك القناع، لأنه أهيب. وعلى ذلك المعنى كان يتقنّع العباس بن محمد وعبد الملك بن صالح، والعباس بن موسى وأشباههم. وسليمان بن أبي جعفر، وعيسى بن جعفر، وإسحاق بن عيسى، ومحمد بن سليمان ثم الفضل بن الربيع، والسندي بن شاهك وأشباههما من الموالى. لأن ذلك أهيب في الصدور، وأجل في العيون.
والمقنع أروع من الحاسر، لأنه إذا لم يفارقه الحجاب وإن كان ظاهرا في الطرق كان أشبه بمباينة العوام وسياسة الرعية.
وطرح القناع ملابسة وابتذال، ومؤانسة ومقاربة. والدليل على صواب