ومن الأحاديث المولدة التي لا تكون، وهو في ذلك مليح، قولهم: ناك رجل كلبة فعقدت عليه، فلما طال البلاء رفع رأسه فصادف رجلا يطلع عليه من سطح، فقال له الرجل: أضرب جنبها. فلما ضرب جنبها وتخلص قال: قاتله الله، أي نياك كلبات هو! وكان عندنا بالبصرة قاص أعمى، ليس يحفظ من الدنيا إلا حديث جرجيس، فلما بكى واحد من النظارة قال القاص: أنتم من أي شيء تبكون! إنما البلاء علينا معاشر العلماء! قال: وبكى حول أبي شيبان ولده وهو يريد مكة، قال: لا تبكوا يا بنيّ، فإني أريد أن أضحّي عندكم! وقال أخوه: ولدت في رأس الهلال للنصف من شهر رمضان! أحسب أنت الآن هذا كيف شئت! وقال: تزوجت امرأة مخزومية عمها الحجاج بن الزبير الذي هدم الكعبة! وقال: ذلك لم يكن أبا، إنما كان ولدا! وقال أبو دينار: هو وإن كان أخا فقد ينبغي أن ينصف! ومن المجانين علي بن اسحاق بن يحيى بن معاذ. وكان أوّل ما عرف من جنونه أنه قال: أرى الخطأ قد كثر في الدنيا، والدنيا كلها في جوف الفلك، وإنما تؤتى منه، وقد تخلخل وتخرّم وتزايل، فاعتراه ما يعتري الهرمى، وإنما هو منجنون «١» فكم يصبر؟ وسأحتال في الصعود إليه، فإني إن نجرته ورندجته «٢» وسوّيته، انقلب هذا الخطأ كله إلى الصواب.
وجلس مع بعض متعاقلي فتيان العسكر، وجاءهم النخاس بجوار فقال:
ليس نحن في تقويم الأبدان، إنما نحن في تقويم الأعضاء، ثمن أنف هذه