للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصمعي عن أبان بن تغلب قال:

مررت بامرأة بأعلى الأرض، وبين يديها ابن لها يريد سفرا وهي توصيه فقالت:

إجلس امنحك وصيّتي وبالله توفيقك، وقليل إجدائها عليك أنفع من كثير عقلك: إياك والنمائم، فإنها تزرع الضغائن، ولا تجعل نفسك غرضا للرماة، فإن الهدف إذا رمي لم يلبث أن ينثلم، ومثّل لنفسك مثالا فما استحسنته من غيرك فاعمل به، وما كرهته منه فدعه واجتنبه، ومن كانت مودته بشّره كان كالريح في تصرفها.

ثم نظرت فقالت: كأنك يا عراقي أعجبت بكلام أهل البدو؟ ثم قالت لابنها: إذا هززت فهزّ كريما، فإن الكريم يهتز لهزتك. وإياك واللئيم فإنه صخرة لا ينفجر ماؤها، وإياك والغدر فإنه أقبح ما تعومل به، وعليك بالوفاء ففيه النماء. وكن بمالك جوادا، وبدينك شحيحا. ومن أعطي السخاء والحلم فقد استجاد الحلة: ريطتها وسربالها! انهض على اسم الله.

وقال أعرابي لرجل مطله في حاجة: إن مثل الظفر بالحاجة تعجيل اليأس منها إذا عسر قضاؤها، وإن الطلب وإن قل أعظم قدرا من الحاجة وإن عظمت، والمطل من غير عسر آفة الجود.

خطب الفضل الرقاشيّ إلى قوم من بني تميم، فخطب لنفسه، فلما فرغ قام أعرابي منهم فقال: توسلت بحرمة، وأدليت بحق، واستندت إلى خير، ودعوت إلى سنّة، ففرضك مقبول، وما سألت مبذول، وحاجتك مقضيّة إن شاء الله تعالى.

قال الفضل: لو كان الأعرابي حمد الله في أوّل كلامه وصلى على النبي صلّى الله عليه وسلّم لفضحني يومئذ.

<<  <  ج: ص:  >  >>