الصحابة، فمضينا إليه لنسمع منه، فكنا على بابه وقوفًا إذ أقبل يحيي بن مَعِيْن راكب بغلة، فدخل إليه وأطال عنده الجلوس، ثم خرج فقمنا إليه، وقلنا له: ما تقول في الرجل؟ فقال يحيي بن مَعِيْن: الثقة وابن الثقة".
قال الخَطِيْب في تارِيْخه: قلت: "قد حكى البَغَوي أنه كتب عن يحيي بن مَعِيْن جزءًا فأخذه منه مُوْسى بن هارون فرماه في دجلة، وقال له: أتريد أن تجمع في الرواية بين الثلاثة، أَحْمَد بن حَنْبَل، وعَلي بن المديني، ويحيي بن مَعِيْن؟.
* قلت: القصة المشار إليها في كلام الخَطِيْب أخرجها حَمْزَة السَّهْمِي في "سؤالاته"، ومن طريقه الخَطِيْب في "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع"(١)، وابن نُقْطَة في "التقييد"، فقال: سمعت أَحْمَد بن عَبْد ان الحافظ يقول: سمعت عُمَر البَصْرِي يقول: سمعت عَبْد الله بن مُحَمَّد البَغَوي يقول: كنتُ يومًا ضيِّقَ الصَّدر، فخرجت إلى الشَّطّ، وقعدتُ وفي يدي جزء عن يحيي بن مَعِيْن أنظر فيه، فإذا بمُوْسى بن هارون الحمال، فقال: يا أبا القاسم أيش معك؟ قلت: جزء عن ابن مَعِيْن، قال: فأخذه من يدي، وطَرَحَه في دِجلَة، وقال: تريد أن تجمع بين أَحْمَد بن حَنْبَل، ويحيي بن مَعِيْن، وعَلي بن المَدِيْنِي؟ قال البَغَوي: فما تعلّق في قلبي منه شيء، ولا أذكر عنه شيئًا.
قال الذَّهَبِي في "النُّبَلاء": قلت: بئس ما صَنَعَ مُوْسى -عفا الله عنه-.
قال مقيده -أمده الله بتوفيقه-: الحكايتان من طريق عمر البَصْرِي، وهو عمر بن جَعْفَر بن عَبْد الله بن أبي السري البَصْرِي، أقل أحواله أنه ضعيف، وقد اتهمه بعضهم، وقد ترجمتُ له ونقلت ما قيل فيه في كتابي "الدليل المُغْنِي"، ولله الحمد.
* وقال الخَطِيْب في "تارِيْخه": "حدثنا عَلِي بن أبي عَلِي المُعدَّل، حدثنا أبو