للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شيخك فلان؟ فيقول: لا، فيقال له: كيف فاتك هذا؟ فيقول: ما فاتنا بالبصرة أكثر، أو كما قال، وكان لم يدخل البصرة في طلب الحديث".

قال الذَّهَبِي: "قلت: ما دخل البصرة فإنه ارتحل إليها إلى مسندها عَلِي بن إِسْحاق المادرائي، فبلغه موته قبل وصوله إليها، فحزن ورجع، والنواحي التي لم يرحل إليها أبو عَبْد الله: هراة، وسجستان، وكرمان، وجرجان، والري، وقزوين، واليمن، وغير ذلك، ورحل إلى خراسان، وما وراء النهر، والعِراق، والحجاز، ومصْر، والشَّام، بقي في الرحلة بضعًا وثلاثين سنة، وأقام زمانًا بما وراء النهر، وكان ربما عمل في التجارة، ثم رجع إلى بلده، وقد صار في عشر السبعين، فولد له أربعة بنين.

قال الحافظ يحيى بن عَبْد الوهاب في "تارِيْخ أَصْبَهان": "كنت مع عمي عُبَيْد الله في طريق نيسابور، فلما وصلنا بئر مجنة قال عمي: كنت هاهنا غير مرة، فعرض لي شيخ جمال، فقال: كنت قافلًا من خراسان مع أبي، فلما وصلنا إلى هاهنا إذا نحن بأربعين وِقرًا من الأحمال، فظننا أنها منسوج من الثياب، وإذا خيمة صغيرة فيها شيخ، فإذا هو والدك، فسأله بعضنا عن تلك الأحمال، فقال: هذا متاع قل من يرغب فيه في هذا الزمان، هذا حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

قال الحاكم في "تارِيْخه": "سمع بأَصْبَهان، ونيسابور، ومرو، وبخارى، وكان عندنا سنة تسع وثلاثين، وهو أول خروجه إلى العِراق، فسمع ببَغْداد، ومكة -حرسها الله-، والشَّام، ودخل مِصْر، فأقام بها سنين، وصنَّف "التارِيْخ" و"الشيوخ"، ثم التقينا ببخارى سنة إحدى وستين وثلاثمائة وقد زاد زِيَادة ظاهرة، وجاءنا إلى نيسابور سنة أربع أو خمس وسبعين، ثم خرج إلى أَصْبَهان، سمعت أبا عَلي الحافظ يقول: بنو مَنْدَة أعلام الحفاظ في الدنيا قديمًا وحديثًا، ثم قال: ألا ترون إلى قريحة أبي عَبْد الله، وما يشبه هذا الكلام. وسمعته -أيضًا- يذكر أبا عَبْد الله في

<<  <  ج: ص:  >  >>