للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشيخوخة، وبذلك فإن نظرية إريكسون تعد من النظريات القلائل التي امتدت لتشمل النمو خلال المدى الكلي لحياة الإنسان.

٣- تنعكس كل مرحلة من مراحل النمو النفسي - الجنسي, التي اقترحها فرويد في صورة خبرات اجتماعية, ولها معانٍ وجدانية لدى الأطفال وغيرهم ممن يعيشون في ثقافة معينة, فالمرحلة الفمية "مرحلة التغذية" مثلًا هي أيضًا مرحلة ينجح فيها الرضيع أو يفشل في تكوين الشعور بالثقة في الشخص الذي يتولى تغذيته.

وفي المرحلة الشرجية "مرحلة الإخراج" يكتسب الطفل القدرة على التحكم في الدوافع الأخرى التي تعد موضوعًا للنظام الذي يفرضه الوالدان, ويرى إريكسون أن الانتقال من المرحلة الفمية إلى المرحلة الشرجية هو أيضًا تحول من العلاقة مع والدٍ مهتمه التغذية ويكون موضع الثقة أو عدم الثقة, إلى علاقة والدٍ مسئول عن النظام "التدريب على الإخراج", ومنه يشتق مشاعر الشعور بالعار والشك. وعلى عكس فرويد تركز اهتمام إريكسون على الطريقة التي تؤثر بها القوى النفسية الاجتماعية, وليس القوى النفسية الجنسية في نمو الشخص.

٤- اهتمت نظرية إريكسون بوصف سلسلة من الأزمات التي تحدث استجابة للمطالب التي يفرضها المجتمع على الشخص النامي، وهي مطالب المسايرة لتوقعات الكبار والراشدين حول التعبير الذاتي والاعتماد على الذات. أي: أنها تنشأ في جوهرها من تفاعل الفرد مع البيئة الاجتماعية والثقافية التي يعيش فيها، وهي الأزمات التي يجب أن يتغلب عليها حتى يحرز الهوية الشخصية والصحة النفسية, ولذلك تعد مراحل النمو عنده ذات طبيعة نفسية اجتماعية.

٥- يتفق إريكسون مع فريد في أن الخبرة المبكرة تلعب دورًا مؤثرًا ومستمرًا في النمو؛ فالإنسان لا يتجاوز مثلًا المرحلة الفمية ومعه حلّ كامل لأزمة الثقة.

فبعض الأزمات لا يحل نهائيًا أثناء مرحلة النمو الخاصة بها, ولهذا فإن هذه الأزمات يشعر بها المرء مرة أخرى في جميع مراحل النمو التالية. صحيح أنها قد تكون أقل حدة وأضعف خطرًا ولكنها موجودة, وعند إريكسون، كما هو الحال عند فرويد، أن كل مرحلة من مراحل النمو النفسي والاجتماعي تتأسس على نواتج المراحل السابقة وتشملها, وهذه أشبه بمهمة التكامل الهرمي, أو الهيراركي, أو التراتبي, عند هاينز فرنر "WERNER, ١٩٥٧" الذي يصف النمو الإنساني على أنه يسير من الحالة البسيطة العامة وغير المتمايزة, إلى الحالة المعقدة المتمايزة والمتكاملة "Brodzinsky, et al, ١٩٨٦".

<<  <   >  >>