الرشد المبكر "بلوغ الرشد": هو الوقت الذي يكتسب فيه الإنسان استبصارًا قويًّا بالصواب والخطأ, اعتمادًا على الخبرة الشخصية, والنمو الخلقي، أو نموّ النسق القيمي الشخصي لديه, يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالنمو المعرفي, ويبدو أن توافر القدرة المنطقية يُعَدُّ شرطًا ضروريًّا حتى يمكن للشخص أن يفكِّرَ على مستوى خلقي معين, وفي هذا الصدد يرى كولبرج "Beltes Schaie" أن الشخص يجب أن يكون قد وصل إلى مستوى العمليات الصورية في المعرفة "كما يحددها بياجيه" قبل أن ينشغل بالاستدلال الخلقي في المستوى القائم على المبادئ principled, أو المستوى المتجاوز للتقاليد Post conventional. وعلى هذا فإن المستويات العالية من النموِّ الخلقي يبدو أنها تتطلَّبُ ما هو أكثر من إحراز مستوى معين من النموِّ المعرفي، فهي تتطلَّبُ أيضًا أنواعًا معينة من الخبرات الشخصية؛ فدخول الفرد بيئة العمل مثلًا يعرضه لبدائل انفعالية, وخيارات وجدانية, وقيم متصارعة, وإدراكات جديدة للذات, وحينئذ قد يستجيب للمواقف المشكلة التي تتطلب حكمًا أخلاقيًّا بنوعٍ من التقدير النسبي, فما هو صواب ليس إلّا مسألة نسبية, ويعتمد ذلك على خصائص الشخص وحاجاته وظروفه, وهذا الوضع يعكس الوعي الجديد لدى الراشد بتنوع القيم لدى الناس, ومع تماسك الهوية وبلورتها يصل الشخص إلى مستوى أعلى من الحكم الخلقي, وينتقل إلى المرحلة الخامسة في نموذج كولبرج, أي: مستوى التعاقد الاجتماعي، وفي حالاتٍ نادرةٍ إلى مستوى الوجهة الخلقية العامة المعتمدة على المبادئ, والتي تمثِّلُ المرحلة السادسة عنده, وقد بينت بعض الدراسات التي أجريت في أمريكا أن معظم الراشدين المبكرين "الذين تجاوزوا المرحلة الانتقالية التي أسميناها بلوغ السعي أو الشباب" لا يظهرون أعلى المستويات الخلقية عند كولبرج, كما أثبت البعض الآخر أن المستوى التعليمي ليس هو العامل الحاسم، وإنما الأكثر حسمًا هو خبرات حياة الراشد. "Brodzinsky, et. al., ١٩٨٦".
وقد كانت نظرية كولبرج في النموِّ الأخلاقي, وخاصة في مراحل الرشد, وعلى وجهٍ أخصٍّ المستوى الخلقي المتجاوز للتقاليد, موضع نقدٍ شديدٍ