النموّ الخلقي:
يُولَدُ الحسّ الخلقي لدى طفل المرحلة السابقة "الطفولة المبكرة", حين يدرك أن أنماطًا سلوكية معينة تُصَنَّفُ على أنها صواب أو جيدة وتثاب, وأخرى خطأ أو سيئة وتعاقب, ومع نمو الطفل يؤلّفُ السلوك الخلقي مجموعة معقدة من الأفكار والقيم والمعتقدات.
وفي مرحلة الطفولة المتأخرة يواجه الطفل أحد التحديات الهامة في حياته, وهو تنمية الضمير واكتساب قيم المجتمع التي يعتبرها هامَّة في ضبط السلوك, ويرى كولبرج "راجع الفصل الخامس" أن النمو الخلقي في هذه المرحلة له مستويان: أحدهما يظهر في أواخر الطفولة المبكرة ويستمر معظم مرحلة الطفولة المتأخرة, وهو الذي يسميه مستوى ما قبل العرف والتقاليد "أو ما قبل الأخلاقية", ويسود خلال الفترة من ٤-١٠ سنوات, أما المستوى الثاني: فهو مستوى الالتزام بالعرف والتقاليد أو مستوى المسايرة.
ويتأثر النظام الأخلاقي في هذه المرحلة بمعايير الجماعة التي ينتمي إليها الطفل, وهذا لا يعني أنه يرفض معايير الأسرة لصالح الشِّلَّةِ، وإنما يعني ببساطة: أنه لو كان عليه أن يختار فإنه يقبل معايير جماعة الأقران حين يكون مع الجماعة؛ كوسيلة للحصولِ على مكانة فيها, فإذا حدث أن الجماعة ككلٍّ تحبِّذُ نمط السلوك الذي يتعارض مباشرةً مع معايير الكبار, فإن الطفل يساير الجماعة.
ولم تَعُدْ المفاهيم الأخلاقية عند الطفل ضيقة أو محدودة, كما كان الحال في المرحلة السابقة, إنه يعمِّمُ بالتدريج المفاهيم؛ بحيث تشير إلى أيِّ موقف مشابه, وليس إلى موقف بذاته, فقد يتعلم أن السرقة سلوك خاطئ بصرف النظر عَمَّا إذا كان الأمر يتصل بسرقة النقود أو ممتلكات الآخرين أو عملهم, كما هو الحال في الغش, وكذلك يعتبر الطفل الكذب سلوكًا خاطئًا, سواء كانت الكذبة تقال للوالد أو المعلم أو زميل الفصل, ونتيجةً لذلك يقلّ سلوك الكذب عنده إذا قورن بالمرحلة السابقة "معظم الكذب في المرحلة السابقة من نوع التخيل".
وبوصول الطفل إلى نهاية مرحلة الطفولة يقترب نظامه الأخلاقيّ من مستوى الرشد، ويتفق سلوكه مع معايير الكبار, ويُلاحَظُ أن الأطفال ذوي الذكاء المرتفع يكونون أكثر نضجًا في أحكامهم الخلقية وسلوكهم الخلقي من ذوي الذكاء المنخفض, وأن الإناث بصفة عامة أكثر نضجًا من الوجهة الأخلاقية من الذكور.