الأهمية السيكولوجية للعمل: دخول الإنسان إلى ميدان العمل هو أحد مؤشرين -مع الزواج- على أنه أصبح من الراشدين، بل إنه هو المؤشر الوحيد على الرشد لأولئك الذين يؤجلون زواجهم إلى ما بعد الاستقلال الاقتصادي "والحصول على مهنة هو أعظم علاماته", ولهذا يحتل العمل عند الراشدين مكانةً بالغة الأهمية في تحديد هويتهم، ويظل كذلك لفترة تمتد حوالي أربعين عامًا من العمر, ويمكن أن نلخص الأهمية السيكولوجية للعمل لدى الراشدين فيما يلي:
١- العمل تعبيرٌ عن حاجةٍ داخليةٍ لدى الإنسان تدفعه نحو الاستقلال النفسي والاقتصادي والإتقان والتعامل الفعال مع البيئة, وتسمى هذه الحاجة دافعية الإنجاز achievement motivation, وبالطبع فإن هذا الدافع يختلف بين الأفراد وداخل الفرد الواحد في مختلف مراحل نموه.
وعند الراشد تؤثر قوة دافع الإنجاز في طريقته في تفسير خبراته المهنية وتوجهها, ولهذا نجد بعض الراشدين من النساء ومن الرجال من ذوي الإنجاز العالي يصلون إلى مواقع القيادة والسلطة في مجالات عملهم بالمقارنة بأقرانهم من ذوي الإنجاز المنخفض.
ومن العوامل التي تعدل سلوك الإنجاز سيطرة دافع آخر قد يكون أحيانًا "الحاجة إلى الانتساب أو الانتماء Affiliation لدى الراشدين, وهو دافعٌ يوجه الإنسان نحو تكوين علاقات إنسانية أكثر يسرًا مع الزملاء، وقد يكون في أحيانٍ أخرى دافع تجنب النجاح, وخاصةً إذا كانت عواقب النجاح في العمل تؤدي إلى رفض شخصي واستهجان اجتماعي "كما هو الحال في نظرة بعض الثقافات إلى نجاح المرأة في العمل", وفي مثل هذه الحالة يكون اتجاه الشخص إزاء الإنجاز المهني أقرب إلى الحياد أو التناقض الوجداني, ومن ناحيةٍ أخرى فإن مثل هذا الشخص إذا لم يحرز نجاحًا لن يدفعه ذلك إلى بذلك مزيد من الجهد.