تنمو أعضاء الحسِّ بسرعة خلال هذه المرحلة، ففي الشهر الثالث تزداد عضلات العين تآزرًا, وعندئذ يصبح الطفل قادرًا على رؤية الأشياء بوضوحٍ وتميز؛ ولأن عضلات العين تظل ضعيفة لأشهر عديدة, فإن عدم تآزر العين شائع, وخاصة في أوقات التعب والجوع والصراخ, ويزداد السمع دقةً في الرضيع، ونستدل على ذلك من استجاباته المبكرة لسماع الصوت البشري, وحين يصل الطفل إلى نهاية شهره الثاني يستجيب بنفس الجودة للأصوات من جميع الأنواع, كما أن الشمَّ والذوقَ يزدادان نموًّا خلال هذه المرحلة, وبالإضافة إلى ذلك, فإنَّ الرضيع يكون حساسًا للغاية لجميع المثيرات الجلدية؛ فيشعر بالحرارة والبرودة والألم.
إلّا أن النمو الحسي يتحول تدريجيًّا في هذا الطور ليصبح نموًّا إدراكيًّا, ويتسم الإدراك في هذا الطور بأنه ليس عملية "معرفية" كاملة, وإنما هو نوعٌ من الإدراك "الحسي - حركي" وفقًا للوصف الذي أطلقه بياجيه على هذ المرحلة, ومن النماذج المفسرة للإدراك الحسي عند الأطفال في هذا الطور النموذج الذي اقترحته آمال أحمد مختار صادق "١٩٩٠", والذي يفترض أن الطفل في العامين الأولين من حياته يتعامل مع المثيرات من خلال توظيف الحواسّ جميعًا سعيًا لتبين detecrion طبيعة المثير, فجميع المثيرات مهما كانت طبيعتها يبدأ الطفل بالنظر إليها, ثم لمسها وتحريكها, "للاستماع إلى ما يمكن أن يصدر عنها من أصوات", ثم وضعها في فمه حيث يتعرف على خصائصها بحاستي التذوق والشم, وبهذه الطريقة تلعب الحواس المتعددة multi-sensory دورها في تحديد طبيعة المثير. وبنهاية هذا الطور يتحول الرضيع من الخصائص المعممة إلى تمييز الخصائص "الفارقة" للمثير, والتي تجعله مثلًا يمكن وضعه في الفم كطعام, أو التعامل معه كشيء خارجي يصدر الأصوات أو الحركة، إلخ ... وعمومًا فإن النموذج في حاجة إلى دراسات مصرية وعربية تُجْرَى في إطاره.