يوصف السلوك بسوء التوافق بصفة عامة إذا اتسم بأنه يعوق قدرة الفرد على النشاط السويّ والعادي في المجتمع, أو إذا اختص بأنه يهدد سلام الفرد الشخصية وأمنه الذاتي، ولهذا شاع التميز الشهير بين التوافق الشخصي والتوافق الاجتماعي, وهما غير متطابقين، والارتباط بينهما قد يكون موجبًا أو سالبًا أو صفريًّا؛ فمن الممكن أن يحكم المجتمع على سلوك معين بأنه لا توافقي "الانطواء مثلًا", ومع ذلك فإن هذا السلوك قد يحقق غرضًا مفيدًا للشخص الذي يصدره, أي: يحقق له توافقه الشخصي، والعكس صحيح أيضًا, فقد يشعر الشخص بأن سلوكًا معينًا يسبب له القلق "كالعمل في مهنة لا يحبها", ومع ذلك فإن المجتمع يحكم عليه بأنه سلوك اجتماعي سوي, ومن الممكن أيضًا أن يكون السلوك ذاته "كالتمركز حول الذات" توافقيًّا في مرحلة معينة من مراحل الحياة "الطفولة", ولا توافقيًّا في مرحلة أخرى "الرشد", بل إن بعض الاضطرابات السلوكية الحادَّةِ قد تكون توافقية في طور الشيخوخة، فالعصاب القهري قد يكون مفيدًا عند الإجبار على التقاعد "Kermis, ١٩٨٤" وعلى هذا, فالاضطرابات السلوكية طويلة الأمد التي نلاحظها في طور أرذل العمر يمكن وصفها في ضوء هذا المحك بأنها توافقية، فالسلوك شبه الفصامي قد يكون توافقيًّا مع العجز الحتمي في الهرم، بل إن اللهلاوس قد تكون توافقية لشخص مسن يعيش وحيدًا، ولو نها توصف بأنها أساليب غير سوية للتوافق.
إلَّا أن ذلك كله قد يُعَدُّ من قبيل التوافق الشخصي, حتى ولو كانت أساليب التوافق -كما نحكم عليها ثقافيًّا واجتماعيًّا- غير سوية، وقد يحدث ذلك أو ما يشبهه في مراحل العمر السابقة، إلّا أن الفرق الجوهري في "الأساليب غير السوية" للتوافق بين طور أرذل العمر وغيره من مراحل العمر, أنها في هذا الطور النهائي لحياة الإنسان تتسم -كما بينا- بعدم القابلية للعلاج، ناهيك عن أن الشخص الموغل في الشيوخة قد لا يستطيع التعايش معها كما كان يفعل من قبل، فالملاحظ على الذين يبلغون هذا الطور أنهم يظهرون تحولًا جوهريًّا -تدريجيًّا أو مفاجئًا- من الحال التي كانوا عليها "في الشيخوخة العادية" إلى الحال التي يصيرون إليها "أرذل العمر", ويتسم هذا التحول بثلاث خصائص ملازمة معًا, وفي وقت واحد: