الخاصية السادسة والأكثر أهمية من خصائص النمو تتصل في جوهرها بمفهوم مدى الحياة Life-span, والذي يؤكده المنظور الإسلامي للنمو كما سنبين فيما بعد, ومعنى ذلك أن التغيرات السلوكية التي تعتمد في جوهرها على النضج والتعلم تحدث باستمرار في جميع مراحل العمر, ويمكن التدليل على ذلك من شواهد كثيرة من مختلف مراحل العمر, ابتداءً من مرحلة الجنين, وحتى الشيخوخة.
وهكذا يصبح النمو تيارًا متصلًا لا نقاطًا متقطعة, ويمكن أن نشبه دراستنا لأجزاء منفصلة من مدى الحياة الإنسانية بدراسة أجزاء مقتطفة من فيلم أو رواية أو مسرحية, ولك أن تتصور مدى الصعوبة التي تنتابك في الفهم أو في تتبع شخصيات الرواية أو أحداثها, إذا لم تشاهد منها إلّا الفصل الثاني من بين فصولها الثلاثة. وبالمثل كيف يمكننا فهم نمو الفرد الإنساني إذا لاحظناه فقط في مرحلة الطفولة أو المراهقة أو الشيخوخة؟ فكما أن الفصل الثاني في المسرحية يتطور من الفصل الأول, ويعتمد عليه, وفي نفس الوقت يؤلف الأساس الذي يبنى عليه الفصل الثالث، فإن مراهقة الإنسان تتطور من خبرات طفولته, وتعتمد عليها وتؤلف أساس خبرات الرشد التالية.
ولأغراض الفهم العلمي تنقسم دورة الحياة في العادة إلى مراحل متعددة, وقد أطلق عليها ليفنسون "Levinson, ١٩٧٨" مصطلح "مواسم" الحياة, بل إن معظم كتب علم نفس النمو تركز على بعض المراحل دون سواها, ولعل المرحلتين الأكثر شيوعًا هما الطفولة والمراهقة، وهو الطابع الغالب على معظم ما صدر في هذ الميدان من كتب باللغة العربية إذا استثنينا كتاب الرائد الراحل فؤاد البهي السيد "الأسس النفسية للنمو من الطفولة إلى الشيخوخة" "فؤاد أبو حطب، ١٩٩٧"، بل إن معظم الكليات والمعاهد الجامعية تقدم مقررات حول نمو الطفل ونمو المراهق ونمو الراشد وهكذا.