للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المنهج الارتباطي]

توجد مشكلات هامة في سيكولوجية النمو لا يمكن تناولها بالبحوث التجريبية أو شبه التجريبية, ومن ذلك مثلًا إذا أراد الباحث أن يحدد العلاقة بين الاتجاهات الوالدية "كاتجاه الرفض" ونمو شخصية الطفل, فمن الصعب، إن لم يكن من المستحيل، أن يطلب من بعض الأمهات أن يرفضن أبناءهن حتى يجري الباحث تجربة كاملة عليهن وعلى الأبناء, كما قد يصعب عليه أن يجد في الحياة الاجتماعية العامة آباء يرفضون أطفالهم بحيث يصنفهم في مجموعة في مقابل مجموعة أخرى تقبل الأبناء, حتى يجرى عليهم بحثًا شبه تجريبي, ولهذا فإن إجراء بحوث على مثل هذه المشكلات يكون من نوع مختلف تمامًا. إن الباحث قد يستخدم بعض الاستخبارات أو الاستفتاءات, أو يجري بعض المقابلات مع الأمهات ليتقصى الاتجاهات الوالدية لديهن, وحينئذ قد يجد أن بعض الأمهات ترفضن أبناءهن سيكولوجيًّا, كما يجد مجموعة أخرى مقارنة من الأمهات تقبلن أبناءهن؛ فإذا كان أطفال مجموعتي الأمهات متكافئين تقريبًا في العمر الزمني والذكاء والمستوى الاجتماعي والاقتصادي, وغير ذلك من العوامل الدخيلة، يمكن للباحث أن يقارن بين سمات الشخصية لدى مجموعتي الأطفال, مما يعطي معلومات عن العلاقة بين الاتجاه الوالدي الرافض وشخصية الطفل, ويعد هذا البحث ارتباطيًّا؛ لأن علاقة السبب والأثر فيه غير واضحة, كما هو الحال في البحث التجريبي وشبه التجريبي. إن نتائج هذا البحث التي قد تتمثل في أنه مثلًا كلما زاد رفض الأم للطفل تزداد عدوانية الطفل، وتقل عدوانيته مع نقص رفض الأم له, لا تتضمن علاقة سببية مباشرة, فهل يؤدي رفض الأم للطفل إلى زيادة عدوانيته؟ أم أن عدوانية الطفل تؤدي بالأم إلى رفضه؟ أم أن كلًّا من رفض الأم وعدونية الطفل يتأثران بعامل ثالث غير معلوم؟ إن كل ما نحصل عليه من معنى هو وجود علاقة بين المتغيرين١.


١ يعد من قبيل المنهج الارتباطي أيضًا الأسلوب الذي شاع في البحث السيكولوجي في السنوات الأخيرة, والذي يطبق فيه الباحث أحد الاختبارات على عينة من المفحوصين, ثم يختار منها عينتين فرعيتين, إحداهما ذات مستوى عالٍ, والأخرى ذات مستوى منخفض في السمة موضع القياس؛ كالذكاء أو الابتكار أو التحصيل, ثم يقارن بينهما في متغيرات أخرى.

<<  <   >  >>