للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الباب الأول: الأسس العامة]

[الفصل الأول: طبيعة النمو الإنساني]

[مدخل]

...

[الباب الأول: الأسس العامة]

[الفصل الأول: طبيعة النمو الإنساني]

إن الذين يبحثون عن إجاباتٍ سهلة لأسئلتهم, وحلول جاهزة لمشكلاتهم, سوف يجدون النمو الإنساني موضوعًا محبطًا لتوقعاتهم، أما الذين يتسامحون مع الغموض, ويحبون التعامل مع الأسئلة التي لم يجب عنها بعد, بل الذين يفضلون الموضوعات التي تطرح المزيد من الأسئلة أكثر مما تقدم من إجابات, فسوف يجدون فيه موضوعًا للتحدي والاستثارة، بل والإبداع العلمي.

والسؤال الذي نبدأ به هذا الكتاب هو: ما النمو؟ إن معظم دارسي هذا الموضوع -كغيرهم من دارسي الفروع الأخرى من علم النفس- يختلفون عن دارسي العلوم الطبيعية والبيولوجية, في أنهم يشعرون بأن موضوعهم مألوفٌ لديهم قبل البدء في أي دراسة منظمة له، فنحن جميعًا نعرف شيئًا عن أنفسنا في مراحل عمرنا المختلفة, وكلٌّ منا لاحظ عن قرب شخصًا آخر ينمو، طفلًا أو شابًا أو راشدًا أو كهلًا أو شيخًا، وكثيرون منا ساهموا في هذه العملية من خلال أدوار الوالدية, أو عمليات التنشئة والتطبيع، ومعظمنا سمع البرامج, وشاهد الأفلام, وقرأ ما هو شائع عن تقدم الإنسان وتدهوره في مختلف مراحل حياته، ولهذا السبب ربما يكون موضوع النمو هو الموضوع الوحيد من بين موضوعات مختلف العلوم الإنسانية والاجتماعية الذي يجعل قارئه مشاركًا مع كاتبه في حوار دائم، يتفق معه ويختلف، بل قد يشعر في كثير من الأحيان أن خبرته الشخصية لا تدعم النتائج التي تَمَّ التوصل إليها.

إلَّا أن الألفة الشديدة بموضوع البحث قد تكون عائقًا أكثر منها ميزة؛ فهناك خطر حقيقيٌّ على الفهم العلمي عندما يقترب المرء من موضوع البحث مزودًا بأفكار مسبقة راسخة عنه، وخاصة إذا كانت هذه الأفكار هي من نوع المعتقدات الشائعة في الحكمة الشعبية أو الفهم العام, وبالطبع فإن الفهم العام قد يتفق أحيانًا مع الملاحظة العلمية, إلّا أنه في كثير من الأحيان لا يتفق, خذه بعض الأمثلة على ذلك: يذكر الفولكلور التربوي أن الأطفال الذين يحظون بالاهتمام الوالديّ المباشر عند كل صيحة تصدر عنهم, سوف يصبحون مدلَّلِين معتمدين. كما يذكر أيضًا

<<  <   >  >>