يتناول الفصل الأخير من هذا الكتاب موضوع رعاية المسنين، ومن المظاهر الرئيسية لهذه الرعاية ثلاثة على وجه الخصوص, وهي التعليم والتدخل العلاجي ومؤسسات الإيواء، وقبل أن نتناول هذه الموضوعات نشير إلى أنه يوجد تخصص مهني مستقل يهتم بشكل مباشر بحاجات المسنين وهو علم الإعمار Gerentology, كما توجد في مجالات علم النفس وعلم الاجتماع والخدمة الاجتماعية والطب والتمريض وطب الأمراض العقلية اهتمامات بهذه المرحلة من نموِّ الإنسان, تقدم تدريبًا للمتخصصين في هذه الميادين على تقديم خدمات مباشرة للمسنين, ويشهد علم البيولوجيا والفسيولوجيا حاجات متزايدة للبحث في الميكانيزمات الأساسية لعملية التقدم في العمر, كما يشهد علم الأنثروبولوجيا اهتمامًا بدراسة آثار الاختلافات الثقافية على هذه العلمية، سواءً بين الثقافات المختلفة أو بين الثقافات الفرعية داخل المجتمع الواحد, بل إن مجالات معينة مثل العمارة والهندسة تشهد تحديات كبرى لبناء بنئات متحررة من الحواجز, وتصميم بيوت, ووسائل انتقال ملائمة للمسنين, وفي علم السياسة والتاريخ والأدب والمسرح والفنون والموسيقى "إذا شئنا ذكر بعض الأمثلة أقل وضوحًا" توجد درسات هامة أو تطبيقات تنتظر التنفيذ حول المسنين أيضًا, ومن الأمثلة التي نذكرها في هذا الصدد: كيف كانت ترسم الأفلام الأشخاص المتقدمين في العمر وكيف ترسمهم الآن؟ ما هي الرموز الدالة على التقدم في السن في الأدب والفن الحديثين؟ وما هي دلالات الرمزية فيهما؟
لقد شهدت أواخر القرن العشرين ظهور عدد من برامج التدريب والبحث في ميدان الشيخوخة والتقدم في السن, والتي تدعمت في عدد من الجامعات, وقد اتخذت هذه البرامج صورًا مختلفة، ومنها ما تقدمه المجالات الأكاديمية المتخصصة في مجال معينٍ؛ كالطب وعلم النفس وعلم الاجتماع والخدمة الاجتماعية، ومنها ما يتخذ صورة البرامج المشتركة التخصصات, والتي تجمع بين عدة مجالات في