للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[خاتمة الكتاب]

وهكذا نأتي إلى خاتمة رحلة نمو الإنسان، تلك الرحلة التي وصفناها في مقدمة هذا الكتاب بأنها أبدع رحلات الإنسان, وهي الرحلة المعجزة التي تبدأ به خلية أحادية التكوين, ويتحول خلالها إلى جنين؛ فطفل؛ فمراهق؛ فشاب؛ فراشد؛ فكهل؛ فشيخ، ثم إلى هرم فانٍ, هذه الرحلة التي وصفها القرآن الكريم في مواضع كثيرة, والتي تتضمن الكثير من آيات الله -سبحانه وتعالى- وسننه في خلقه.

وهذا الكتاب محاولة لبناء وجهة إسلامية لعلم نفس النمو، ولهذا كان الاعتماد في تصنيف مراحل النمو في القرآن الكريم وعلى السنة النبوية الشريفة, ثم على ما تناوله فقهاء المسلمين ومفكريهم وفلاسفتهم, وقد أدى بنا ذلك إلى بناء نموذج للنمو الإنساني في هذا الإطار الإسلامي الشامل, كان موجهًا ووجهة الكتاب كله.

لقد عبر الكتاب عن المراحل الكبرى الثلاث لنمو الإنساني بالأعمار الثلاثة، وقد وجه هذه التصنيف تقسيم القرآن الكريم لها بقوله تعالى:

{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً} [الروم: ٥٤] .

ثم جاءت مراحل كل عمر من هذه الأعمار الثلاثة وأطواره موجهة كلها بالإطار الإسلامي، ولهذا كان العمر الأول للإنسان هو ضعفه الأول, كما جاء في الآية الكريمة السابقة شاملًا لمراحل الجنين والطفولة والمراهقة والشباب، وهي جميعًا تتوجه بالإنسان "سريعًا أو بطيئًا حسب طبيعة كل مرحلة" نحو قوة الرشد الإنساني, فهي تحسن مستمر وتقدم مضطرد.

ثم جاء تقسيم كل مرحلة من مراحل الضعف الإنساني الأول في الإطار الإسلامي أيضًا؛ فمرحلة الجنين تتألف في أطوار النطفة والنطفة والأمشاج والعلقة والمضغة وتكوين العظام والعضلات "اللحم" والتسوية, وانقسمت مرحلة الطفولة إلى أطوار الوليد والرضيع والحضانة والتمييز, وانقسمت مرحلة المراهقة والشباب إلى طور بلوغ الحلم "المراهقة", وطور بلوغ السعي "الشباب".

فإذا انتقلنا إلى العمر الثاني للإنسان وهو عمر قوة الرشد لديه، التزم الكتاب أيضًا بالتصنيف الإسلامي لمراحله وأطواره، وشمل ذلك طور بلوغ الرشد، وطور بلوغ الأشد, أما العمر الثالث للإنسان هو عمر الضعف الثاني الذي يتسم

<<  <   >  >>