[نمو الشخصية]
إن نمط شخصية الطفل التي توضح أسسه في مرحلة الرضاعة, تبدأ في التشكيل في مرحلة الطفولة المبكرة؛ ففي هذه المرحلة يتعلَّمُ الطفل أن يفكر في ذاته ويشعر بنفسه كما تتحدد بالآخرين, وتنمو صورته عن نفسه, أو مفهومه لذاته, من طريقة معاملته من جانب والديه وغيرهما من الآخرين؛ كالإخوة والأقارب، وإدراكه هو لمفهومهم عنه, وهكذا تحدد العلاقات الأسرية خاصةً طبيعة مفهوم الذات, وقد يكون لاتجاهات الأم نحو الطفل ومعاملتها له أثرٌ مميزٌ هنا, بسبب الدور الخطير الذي تلعبه في حياة الطفل, كما يلعب دورًا هامًّا أيضًا نظام التدريب الذي يُسْتَخْدَمُ مع الطفل في المنزل؛ فإذا كان النظام تسلطيًّا عقابيًّا فإنه يؤدي بالطفل إلى تنمية الشعور بالتمرد على السلطة والعدوان من ناحية، أو إلى الاستجابات الانسحابية الانطوائية من ناحيةٍ أخرى.
وتلعب المطامح والتطلعات التي يحددها الوالدان للطفل دورًا هامًّا في تكوين مفهوم الذات عنده, فإذا كانت أعلى من مستوى الطفل, فإن الفشل يسلمه إلى الإحباط والقلق, وعلى الرغم من أن بعض الأطفال يتجاهلون الفشل في هذه المرحلة إلّا أن معظمهم يستجيبون له بطلب المساعدة أو استخدام التبرير, أو الإسقاط, ومهما كانت طبيعة استجابة الطفل, فإن الفشل يترك أثرًا واضحًا في مفهوم الذات, ويضع الأساس لمشاعر النقص والدونية وعدم الكفاءة.
وعندما تقترب هذه المرحلة من نهايتها، ويصبح الطفل على أعتاب دخول المدرسة, تكون معالم شخصيته قد تحددت؛ بحيث يمكن تمييز خصائصها وسماتها, فبعض الأطفال يتسمون بالقيادة, والآخرون بالتبعية, وبعضهم يميلون إلى الظهور, والآخرون ينشدون البعد عن الأضواء, وهكذا يتوجه الطفل إلى أن تصبح معالم ذاتيته متفردة, وهذه الفردية تتأثر كثيرًا بالخبرات الاجتماعية المبكرة خارج المنزل.
ولكي تنمو شخصية الطفل في هذا الطور نموًّا سليمًا, فيجب أن يتجاوز أزمتين هامتين أشار إليهما إريك إريكسون، وهما: