تُعَدُّ تغذية الرضيع من المسائل الرئيسية في هذا الطور، بل إحدى المهام الهامة التي يجب إنجازها بنجاح, ولعل أهم ما يتصل بهذا الموضوع كيفية هذه التغذية, وخاصةً المفاضلة بين الرضاعة الطبيعية والرضاعة الصناعية. وقد فَضَّلَ القرآن الكريم الرضاعة الطبيعية منذ أربعة عشر قرنًا في قوله تعالى:{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} إلّا إذا كانت هناك ظروف قاهرة تمنع الأم من ذلك, فأجاز حينئذ "الاسترضاع"؛ فالأصل في تغذية الطفل في هذا الطور إذن, هو أن يرضع الطفل لبن أمه من صدرها, أما الاعتماد على الرضاعة الصناعية -والتي تشيع في الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا "في مقابل السويد والصين التي تشبع فيهما الرضاعة الطبيعية"- فقد حسم الأمر بالنسبة إليها في ضوء نتائج البحوث التي بدأت منذ مطلع الستينات من القرن العشرين، ومنها تأكد نهائيًّا أن هذه الطريقة في تغذية الطفل لا تقبل المقارنة مطلقًا بطريقة التغذية الطبيعية، وفي هذا إعجاز علميٌّ جديدٌ لكتاب الله الخالد.
فالرضاعة الطبيعية لها مزاياها لكلٍّ من الرضيع والأم, فلبن الأم يفوق كل ما عداه من ألوان الغذاء الذي يمكن أن يُقَدَّمَ للطفل -مهما استخدم فيها من وسائل التعقيم الصحي- من حيث قدرته على وقاية الطفل من الإصابة من الأمراض المختلفة، ناهيك عن أنه غذاء صحي متكامل متوازن, لا توازيه أبدًا أية وجبة غذائية اصطناعية, أضف إلى ذلك أن الألبان الصناعية قد تحدث آثارًا ضارةً في صحة الطفل, بسبب بعض المستحضرات الكيميائية التي تؤلفها، بالإضافة إلى قابليتها السريعة للتلوث من خلال عمليات التحضير، ولهذا السبب فهي من أكثر الأسباب شيوعًا لتعرض الطفل للنزلات المعوية، وهي السبب الرئيسي لوفيات الأطفال الرضع.
والرضاعة الطبيعية لها جوانبها السيكولوجية التي تفوق طبيعتها كموقف تغذيةٍ فحسب, إنها موقف "رابطة طبيعية" و"تعلق مباشر" بين الطفل وأمه, يعين على الإسراع بالنمو الانفعالي والوجداني والاجتماعي للطفل, ولذلك يرى بعض العلماء أنه لو اضطرت الأم إلى الرضاعة الصناعية لأسبابٍ قاهرةٍ, فعليها أن تجعل موقف التغذية أقرب ما يكون إلى الرضاعة الطبيعية؛ من حيث الاتصال "الجسدي" المباشر بالطفل.
وللرضاعة الطبيعية آثارها المفيدة للأم أيضًا، فهي تساعد على سرعة