من المسائل الهامة الأخرى التي شغلت الباحثين في هذا الميدان في السنوات الأخيرات مسألة العلاقة بين العمر والابتكار, وخاصة في مجالات معينة؛ كالعلوم والفنون والموسيقى والآداب, وبالطبع يمكن البرهنة بسهولة على أن الإنجاز الابتكاري في هذه الميادين يمكن أن يقوم به أفراد من مختلف الأعمار, إلّا أن المؤكد أن الإنجاز الابتكاري المميز يميل للتبلور بصفة عامة في وسط العمر، والدليل على هذا كما تقول أنستازي "Anastasi ١٩٥٨": إن الصورة الفوتوغرافية لمعظم المبتكرين تظهرهم في أعمار متقدمة، إلّا أن "١٩٥٣ Lehman" يرى أن الأكثر احتمالًا أن هذه الصور التقطت لهم بعد أن صاروا كبارًا في السن وحققوا الشهرة, بينما البحث الصحيح في المسألة يؤكد لنا أن المبتكر قد يحقق إنجازاته الكبرى في عمرٍ أصغر بكثير من ذلك.
ومن أهم الدراسات في هذا الميدان ما قام به لهمان نفسه، فقد قام بتحليل مقدار كبير من البيانات المنشورة حول العمر الذي يظهر فيه الإسهام المتميز في أيّ مجالٍ من مجالات المعرفة والحياة, وتؤكد نتائجه أن قمة الإنتاج الابتكاري تقع بشكل منتظم في عقد الثلاثينات, ونعطي مثالًا على طريقته في البحث ونتائجه من مجال الكيمياء، فقد حصل على أسماء ٢٤٤ من علماء الكيمياء المشهورين "ولم يكن أحد منهم على قيد الحياة" والتواريخ التي توصلوا فيها إلى إسهاماتهم العظمى, ثم حللت البيانات لتحديد عدد هذه الإسهامات التي صدرت عن الجماعة الكلية خلال فترات زمنية طول كل منها خمس سنوات, وأكدت نتائجه أن معدل الإنتاج الابتكاري في الكيمياء يزيد زيادةً واضحةً حتى يصل إلى حده الأقصى في الفترة التي مداها ٣٠-٣٤ عامًا, ثم يتدهور بعد ذلك تدريجيًّا وبشكلٍ مستمرٍّ مستقر, وقد رسم لهمان منحنيات العلاقة بين العمر ومعدل الإنتاج الابتكاري للعلوم الأخرى والآداب والفنون والموسيقى, وتأكد في معظم الحالات أن القمة تقع في منتصف الثلاثينات. إلّا أن هذه القمة تكون في عمر مبكر عن ذلك بالنسبة إلى المحصلة ذات الكيف الرفيع من الانتاج الابتكاري في مختلف