في تناول أحد مؤلفي هذا الكتاب "فؤاد أبو حطب ١٩٩٦" لمفهوم الذكاء في إطار النموذج العملياتي الرباعي الذي اقترحه منذ عام ١٩٧٢", أكد قابلية الذكاء للتعدد, كما توقع قابليته للتوحد من خلال قدرة رفيعة المستوى عالية المكانة، ولم يجد تسمية أفضل لهذه القدرة المتوقعة من مصطلح "الحكمة".
والحكمة لفظ من ألفاظ القرآن الكريم، وقد ورد اللفظ في عشرين موضعًا من كتاب الله, ومن ذلك قوله تعالى:{يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ}
[البقرة:٢٦٩] .
يقول القرطبي في تفسيره لهذه الآية الكريمة: إن العلماء اختلفوا في الحكمة هنا، فقال السدي: هي النبوة، وقال ابن عباس: المعرفة بالقرآن؛ فقهه ونسخه ومحكمه ومتشابهه وغريبه ومقدمه ومؤخره, وقال قتادة ومجاهد: الحكمة هي الفقه في القرآن, وقال مجاهد: هي الإصابة في القول والفعل, وقال ابن يزيد: هي العقل في الدين, وقال مالك بن أنس: هي المعرفة بدين الله والفقه فيه والاتباع له, وروى عنه ابن القاسم أنه قال: الحكمة التفكر في الله والاتباع له, وقال أيضًا: الحكمة طاعة الله والفقه في الدين والعمل به, وقال الربيع بن أنس: الحكمة الخشية, وقال إبراهيم النخعي: الحكمة الفهم في القرآن, وقال زيد بن أسلم وقال الحسن: الحكمة الورع.
ويعقب القرطبي على هذه الأقوال بقوله: إنها جميعًا ما عدا السدي والربيع والحسن قريب بعضها من بعض؛ لأن الحكمة تصدر من الإحكام وهو الإتقان في قولٍ أو عمل, فكل ما ذكر هو نوع من الحكمة التي هي الجنس, فكتاب الله