للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الزواج والحياة الأسرية]

يُعَدُّ الزواج وتكوين الأسرة أحد مؤشرات الرشد الرئيسية كما بينا في الفصل السابق, ومن البديهي أن خبرة الإنسان بالحياة الأسرية لا تبدأ مع الرشد، وإنما تمتد إلى لحظة ميلاده, فإذا استثنينا أطفال الملاجئ والمؤسسات يمكننا القول أن كل طفلٍ يولد ويعيش وينمو طفولته ومراهقته ومعظم شبابه في "محضن الأسرة", ومع ذلك فإننا مع بلوغ الرشد تطرأ تغيرات هامة تميز الحياة الأسرية بعد الرشد عنها قبله؛ فالإنسان -قبل الرشد- هو موضوع رعاية وتنشئة وتدريب وتربية الوالدين، ومع الرشد يصبح الإنسان مسئولًا عن ذلك كله حين يصبح والدًا لابنائه هو, ولهذا نجد معظم الراشدين عند بلوغهم هذا الطور من حياتهم يكون له في واقع الأمر أسرتان: أحداهما هي أسرة المنشأ family of origin التي وُلِدَ فيها ورُبِّىَ وعاش حياته السابقة، وثانيتهما الأسرة النواة nuclear family التي يكوّنها هو مع شريكة حياته, والتي يسعيان بجهدهما المشترك إلى حمايتها وتنميتها.

وقد بدأ منذ عقدين من الزمان اهتمام عدد متزايد من علماء النفس والاجتماع والسكان بدراسة الأسرة من منظور نمائي ارتقائي، أو منظور دورة الحياة الذي يوجه هذا الكتاب, ويتضمن هذا المنظور افتراضًا أساسيًّا هو أن الحياة

<<  <   >  >>