على الرغم من أن كثيرًا من العلومات التي تتناولها بحوث النمو تشتق مما يسمى المعاير السلوكية، إلّا أننا يجب أن نحذر دائمًا من تحويل هذه المعايير إلى قيود, وهذا ما نبَّه إليه نيوجارتن وزملاؤه "Neugartten et al ١٩٦٥" منذ عام ١٩٦٥. وهذا التحفظ ضروري وإلّا وقع الناس في خطأ فادحٍ يتمثل في إجبار أنفسهم وإجبار الآخرين على الالتزام بما تحدده هذه المعايير، ويدركونه بالطبع على أنه النمط "المثالي" للنمو, ومعنى ذلك أن ما يؤديه الناس على أنه السلوك المعتاد أو المتوسط، أو ما يؤدى بالفعل، "وهو جوهر المفهوم الأساسي للمعاير" يتحول في هذه الحالة ليصبح ما يجب أن يؤدى, ولعل هذا هو سبب ما يشيع بين الناس من الاعتقاد في وجود أوقات ومواعيد "ملائمة" لكل سلوك.
وهكذا يصبح المعيار العملي البسيط تقليدًا اجتماعيًّا، ويقع الناس أسرى لما يسميه هيوز ونوب "Hughes & Noppe, ١٩٨٥" بالساعة الاجتماعية؛ بها يحكمون على كل نشاط من الأنشطة العظمى في حياتهم بأنه في "وقته تمامًا" أو أنه "مبكر" أو "متأخر" عنه, يصدق هذا على دخوله المدرسة أو إنهاء الدراسة أو الالتحاق بالعمل أو الزواج أو التقاعد, ما دام لكل ذلك معاييره, فحينما ينتهي الفرد من تعليمه الجامعيّ مثلًا في سن الثلاثين, فإنه يوصف "بالتأخير" حسب الساعة الاجتماعية، بينما إنجازه في سن السابعة عشرة يجعله "مبكرًا".