خامسًا: طور التسوية
...
طور التسوية:
بعد اكتمال نمو المضغة, وتحول المضغة غير المشكلة إلى كتلةٍ منتفخة لها الشكل الإنساني "أي: جنين" بسبب تكَوّن العظام وكسوتها بالعضلات تدخل طورًا جديدًا في حياة الإنسان, هو طور التسوية كما يسميه القرآن الكريم "راجع الفصل الثالث", ويبدأ هذا الطور مع بداية الشهر الرابع من حياة الجنين, ويمتد حتى الولادة, ويطلق علماء الأجنة على هذه المرحلة تسمية خاصة هي مرحلة الحميل fetus.
فمع نهاية الشهر الثالث يظهر جنس الجنين؛ ففي الأسبوعين السابع والثامن يبدأ النمو الجنسي مع غدة جنسية محايدة, فإذا كان الجنين ذكرًا يحدث أحد جينات الكروموزم "ص" فيه رد فعلٍ كيميائيًّا حيويًّا يوجه الغدة المحايدة إلى أن تنتج الخصيتين، أما إذا كان الجنس أنثى, لا تتلقى الغدة المحايدة مثل هذه التعليمات, وتنتج المبيضين, ومع نضج الخصيتين خلال الأسبوعين التاسع والعاشر تفرزان الهرمون الجنسي للذكور, والذي يستثير نمو الجهاز التناسلي الذكرى, وبالمثل ينمو لدى الجنين الأنثى جهاز تناسلي أنثوي.
ومع نهاية الشهر الثالث أيضًا يكون الجنين قادرًا على القيام ببعض الأنشطة الطريفة في بيئته داخل الرحم. يحرك ذراعيه, ويخبط بساقيه، ويحرك جسمه, بل يقوم ببعض الحركات البهلوانية، على الرغم من أن هذه الحركات قد لا تتنبه لها الأم في هذه المرحلة, وفي هذه الفترة يكون للجنين جفنان وأحبال صوتية وشفتان وأنف بارز, وتعمل بعض الأعضاء بحيث تسمح للجنين بالبلع والهضم والتبول, وتظهر معالم الجنس وتنشأ في الجهاز التناسلي للذكور خلايا غير ناضجة للحيوانات المنوية، وللإناث خلايا للبويضات, وكل هذه التفاصيل تظهر بعد ١٢ أسبوعًا من الإخصاب، مع أن طول الجنين لا يتجاوز ثلاث بوصات "أي حوالي ٧،٥", ووزنه يتراوح بين ١/ ٢، ٣/ ٤ أوقية "أي ما بين ١٥جرامًا، ٢٣جرامًا".
وتسمى الأشهر من الرابع إلى السادس الفصل الثاني من حياة الجنين، وهي فترة نمو سريع؛ فخلال الشهر الرابع "سن ١٦ أسبوعًا" تظهر أظافر أصابع اليد والقدم، وتنمو العضلات بسرعة، ويكون طول الجنين من ٨-١٠ بوصات "بين ٢٠-٢٥", ووزنه يصل إلى ٦ أوقيات "١٨٠جرامًا" ونشاطه الحركي يشمل أنشطة أكثر دقة؛ مثل: مص الأصابع، وحركات أكثر عنفًا, مثل: الرفس الذي تشعر به الأم, ويمكن لدقات قلبه أن تسمع بسماعة الطبيب, ويمكن التعرف على مدى صلابة الهيكل العظمى بأشعة إكس أو الأشعة فوق الصوتية, وتبدأ في هذه الفترة استجابات الجنين البصرية والسمعية, فإذا أسقط ضوء مباشر على بطن الأم في هذه الفترة فإنه قد يؤدي إلى حركة الجنين في الرحم, وكذلك فإن التغيرات في معدل نبض قلب الجنين استجابةً للأصوات المختلفة, قد تدل على تمييزه بينها.