ظهورها في اليوم الثلاثين من حياته "أي: بعد انقضاء شهر على الحمل"، ولا تكاد تتكون كتل جديدة خلال طور المضغة إلّا بعد أن تكون الكتل القديمة قد تمايزت إلى قطاعٍ هيكليّ "عظمي" وقطاع عضلي "لحمي".
وتتكون فقرة العظام من قطعتين هيكليتين متجاورتين، ولهذا يؤدي هذا الالتحام إلى تحرك القطع العضلية لتغطيتها, وذلك للمساعدة في حركتها، ويعبر القرآن الكريم عن هذه العملية بالتعبير المعجز {فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا} .
أما بالنسبة لتكوين الأطراف, فقد أشرنا إلى أنه في الأسبوع الخامس -حيث لا يزال الجنين في طور المضغة- تظهر هذه الأطراف في صورة براعم صغيرة، ثم تتحول في طور العظام والعضلات إلى ذراعين وساقين. وحسب مبدأ النمو -الذي سبق أن أشرنا إليه- يسبق الطرف العلوي الطرف السفلي في الظهور ببضعة أيام, نتيجة تكثف خلايا من النسيج المتوسط messenchyme, تأتي من الطبقة المتوسطة للكتل البدنية التي أشرنا إليها عند حديثنا عن طور المضغة, وفي الأسبوع السادس تتحول خلايا النسيج المتوسط إلى خلايا غضروفية, وفي نفس الأسبوع أيضًا تظهر بوضوح الهياكل الغضروفية السفلية والعلوية.
وأول علامة على وجود العضلات في الأطراف تظهر في الأسبوع السابع نتيجةً لتكثف خلايا النسيج المتوسط في قاعدة برعم الطرف، ومن هنا يتضح أن العظام تتكون أولًا, ثم تليها العضلات لتكسوها, وصدق الله العظيم.
وتتكون عظام العمود الفقري والأطراف عن طريق تكوين الغضاريف أولًا، ولهذا تسمى العظام الغضروفية, أما عظام الرأس فتتكون بطريقتين: أولاهما العظام الغضروفية, والتي تشكل قاع الجمجمة وعظام الوجه، وثانيهما العظام الغشائية, وتشكل عظام قحفة الجمجمة, وفيها يتكَوّن العظم مباشرة فوق الغشاء دون أن تسبقه مرحلة غضروفية.
ومع اقتراب الجنين من بداية الشهر الثالث من عمره, تبدأ العظام في الصلابة, وتسرع العضلات في النمو، وتتحول المضغة غير المشكلة إلى الشكل الإنساني, ويطلق علماء الأجنة على هذه المرحلة مرحلة الكتلة المنتفخة, أو ما يصح أن يطلق عليه حقًّا الجنين embryo, وهكذا تؤلف الشهور الثلاث الأولى من الحمل الفصل الأول من حياة الجنين.