النموّ اللغوي:
باتساع عالم الطفل يكتشف أن الكلام أداةٌ هامةٌ في السلوك الاجتماعي, ويدفعه ذلك إلى إتقان الكلام, وكذلك يتعلم أن الصور البسيطة من الاتصال مثل الصراخ والإيماءات ليست مقبولةً اجتماعيًّا, ويعطيه هذا حافزًا إضافيًّا لتحسين قدرته على الكلام، بالإضافة إلى أن المدرسة تؤكد على النواحي اللغوية مثل حصيلة المفردات وبناء الجمل, وحين يتعلم الطفل القراءة يضيف إلى مفرداته اللغوية إضافاتٍ جديدةٍ, ويصبح أكثر ألفةً بالنمط الصحيح للكلمات والبناء الصحيح للجمل.
ويتوقف النموّ اللغوي في هذه المرحلة على عوامل كثيرةٍ؛ منها المستوى العقلي, والمركز الاجتماعي والاقتصادي والجنس, وبالنسبة للجنس يُلَاحَظُ أن الذكور في هذه المرحلة أقلّ من الإناث في المحصول اللغوي, وفي صحة بناء الجمل, وفي القدرة على التعبير عن المعاني, كما أن لديهن نقائص كلامية أكثر من البنات.
وكما هو الحال بالنسبة لكل مرحلة, فإن فهم الطفل للكلمات يتفوق على استعماله لها, فهو يعرف معاني كثيرة بطريقة غامضة, ويمكنه أن يفهمها عندما تستخدم الكلمة في ارتباطها بكلماتٍ أخرى، ولكنه لا يعرف تلك المعاني بحيث يمكنه استخدامها بنفسه, وخلال هذه المرحلة يتزايد المحصول اللغوي العام زيادةً كبيرةً, فمن دارسته في المدرسة, وقراءته, واستماعه للآخرين والراديو, ومشاهدته للتليفزيون, ينشئ الطفل المفردات التي يستخدمها في كلامه وكتابته, ويُقَدَّرُ عدد الكلمات التي يعرفها الطفل الذي ينهي الصف الأول الابتدائي بما يقع بين ٢٠ ألف و٢٤ ألف كلمة, أي بنسبة ٥% إلى ٦% من كلمات معجم عادي, وحين يصل إلى الصف السادس الابتدائي يصل محصوله اللغوي حوالي ٥٠ ألف كلمة.
ولا يقتصر الأمر على أن الطفل يتعلم كلمات جديدة كثيرة, ولكنه بالإضافة إلى ذلك يتعلم معانٍ جديدة للكلمات القديمة, وبالتالى تزداد مفرداته ثراءً, كما يتمُّ تعلم الكلمات ذات المعاني المحدودة والخاصة, وتظهر في هذا الجانب فروقٌ بين الجنسين أيضًا؛ فمفردات الألوان عند البنات مثلًا أكثر منها عند البنين, بسبب اهتمام البنات بالألوان, كما يتفوق الذكور على الإناث في الكلمات الجافة التي قد يكون بعضها بذيئًا, وبالطبع فإن عدد الكلمات التي يعرفها الطفل بدرجة كافية بحيث يستخدمها في كلامه وكتابته، تحدد إلى حَدٍّ كبير نجاحه في المدرسة.