على الرغم من أن الطفل في مرحلة الطفولة المتأخرة لا يتوافر له وقت اللعب الكبير الذي كان متاحًا في المرحلة السابقة بسبب انشغاله بالأعمال المدرسية, إلّا أنَّ اللعب يظل له أهمية في جميع الأنشطة التي يقوم بها الطفل في هذه المرحلة؛ فخصوبة اللعب واتساع نطاقه يصل إلى قمته خلال هذه السنوات, وخاصة مع سعي الطفل المستمر لاستطلاع واستكشاف مجالات وصور جديدة للعب.
وبالطبع, فإن صورة طفل "المدرسة الابتدائية" على أنه أكثر جدية وأكثر انشغالًا بالعمل, هي التي تدفع البعض إلى اعتبار اللعب في هذه المرحلة غير مفيد، بل ومضيَّعًا للوقت, إلّا أن هذا غير صحيح في ضوء النظريات والتفسيرات العديدة التي حاولت فهم قيم ووظائف اللعب في هذه المرحلة, وتشمل هذه النظريات "Bigner ١٩٨٣" مفهوم اللعب كمتنَفَّسٍ مشروعٍ للطاقة الزائدة عند الطفل "هربرت سبنسر"، وكوسيلة للتعبير عن الانفعالات العميقة من خلال أنشطة مقبولة "سيجموند فرويد", وكخبرة يشعر فيها الطفل بالنمو الاجتماعي "ستانلي هول"، وكوظيفة للاستمتاع والسرور والسعادة "تشارلوت بوهلر", وكإعداد لأدوار الطفل في المستقبل، وخاصة دور الراشد "جروس"، وكعملية تعلُّمٍ تسمح للطفل بتنمية مهارات التفكير "جان بياجيه", ويضيف آخرون إلى هذه الوظائف تنمية الابتكارية وتشجيعها، والتدريب على العلاقات الاجتماعية بين الأشخاص, وغيرها من المهارات الاجتماعية، وبلورة سمات الشخصية ومفهوم الذات, واللعب أيضًا هو وسيلةٌ لخفض التوتر وتنمية الجسم الإنساني, ويزوّد موقف اللعب الأطفال بمعملٍ يمكنهم فيه اختبار قدراتهم في تفاعلها مع البيئة.
وتُظْهِرُ أنشطةُ اللعب في هذه المرحلة التتابعَ الذي بدأ في مرحلة الطفولة المبكرة؛ فأنشطة اللعب الجماعية تتوازى مع التوجه المتزايد لدى الطفل نحو الأقران, وقدرته على التفاعل الفعَّال معهم في موقف جماعيّ, وتظهر قدرة الأطفال على اللعب في جماعات بين سن ٥، ٨سنوات، ويساير تطور جماعات