للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إليها, ويصل هذا التحيز لجماعة الشِّلَّةِ إلى قمته في حوالي سن الحادية عشرة, وعادةً ما يجد أيّ طفل جديد في الحي أو المدرسة صعوبة بالغة في الحصول على تَقَبُّلِ شِلَّةٍ أو تكوين صداقات, وعليه أن يبادر بتكوين علاقاتٍ إذا كان يرغب في الحصول على أصدقاء، ويتمُّ ذلك على مراحل متتابعة: محاولة الكلام أو اللعب مع إحدى هذه الجماعات الموجودة بالفعل، ثم مراقبتهم وهم يلعبون, ومحاولة تقليدهم ومحاكاتهم، ثم محاولة جذب انتباههم إليه, وفي البداية تتجاهله الجماعة أو تهمله، وعليه أن يحاول عدة مرات، فإذا نجح في جذب انتباه أحد أعضاء هذه الجماعة يستطيع من خلال هذه العلاقة الثنائية أن يخترق الجماعة، وقد ينجح في أن يكون له مكان في الشِّلَّةِ.

وعلى الرغم من هذا, فإن الشِّلَّةَ تكون عبارة عن وحدة اجتماعية، يحكمها قدر من السرية يمنع الآخرين من الانضمام إليها بسرعة وسهولة, ومع ذلك يُوجَدُ مقدارٌ كبيرٌ من الصراع والعراك بين أعضائها, وقد يتخاصمون, وبعض هذه الخصومات ينتهي بسرعة وتعود الصداقة إلى مجاريها، وبعضها الآخر ينتهي بالقطيعة, ومعنى ذلك أن من النادر أن تكون صداقات الأطفال استاتيكية؛ فالطفل يتحوَّل في نظر زميله في الشِّلَّةِ من "أفضل الأصدقاء" إلى "عدو"، ومن "أحد الزملاء" إلى "أخلص الأصدقاء", يحدث هذا بسرعة ولأتفه الأسباب, ومع تَقَدُّمِ الطفل في السن تصبح صداقاته أكثر استقرارًا.

القيادة عند طفل المدرسة الابتدائية: قائد شِلَّةِ الأطفال في هذه المرحلة يجب أن تتوافر فيه الخصائص الطيبة التي تحبذها الجماعة, ومن المهم أن نشير هنا إلى أن الأولاد والبنات في هذه المرحلة يتسمون ببداية نموّ الاتجاه نحو "تقدير البطل"، والذي سيبلغ ذروته في مرحلة المراهقة, ويظهرون هذا الاتجاه نحو أيّ شخص تتوافر فيه الصفات التي يعجبون بها, والطفل الذي يحظى باحترام الشِّلَّةِ, وتتأكد شعبيته بينهم, هو ذلك الذي يكون متميزًا في هذه الصفات عن باقي الأعضاء, ويذكر الأطفال من هذه الصفات خاصةً الذكاء والكياسة والثقة بالنفس والاتزان الانفعالي والقدرة على النشاط البدني والوعي برغبات الآخرين والاهتمام بها والجدارة بالثقة فيه "Hurlock ١٩٨٠".

وقد يكون الأكثر أهميةً أن يُظْهِرَ القائدُ تميزه وتفوقه بالفعل؛ فالطفل الهادئ المنطوي قد يتجاهله أعضاء الجماعة مهما كان ممتازًا في صفاته, وفي جميع القادة -من الأطفال وغيرهم- لُوحِظَ أن الانبساط هو السمة الغالبة, وبالطبع كلما زاد حجم الجماعة تَطَلَّبَ ذلك في القائد أن تكون مهاراته القيادية أكبر, كما أن الطفل الذي كانت له خبرة سابقة بالقيادة في مرحلة العمر السابقة "الطفولة المبكرة" تتوافر له فرصة أكبر ليكون قائد جماعة في المدرسة الابتدائية.

ومن خصائص القيادة أن تتوافر في صاحبها بين أعضاء جماعته, وقد لُوحِظَ بصفة عامة أن الطفل الأكثر شعبية تتوافر فيه من السمات الإيجابية, ما يجعله على درجة كبيرة من التوافق الشخصي والاجتماعي.

<<  <   >  >>