[الفصل الحادي والعشرون: طور أرذل العمر]
[مدخل]
...
[الفصل الحادي والعشرون: طور أرذل العمر]
أرذل العمر هو الطور النهائي في حياة الإنسان الذي يعمر طويلًا، والذي ينتهي حتمًا بالموت الذي هو خاتمة للحياة الدنيا وبداية الحياة الآخرة، وبالطبع فإن المرء قد يموت في أيِّ مرحلة من حياته: جنينًا أو طفلًا أو صبيًّا أو شابًّا أو راشدًا أو شيخًا. وإشارات القرآن الكريم واضحة في ذلك، يقول الله تعالى:
{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [الأنبياء: آل عمران: ١٨٥، الأنبياء: ٣٥] .
{وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} [لقمان: ٣٤] .
والإنسان الذي يشاء الله له أن يعيش في طور من أطوار حياته السابقة ينتقل بالطبع إلى الطور التالي الذي قد يكون تنمية وتحسينًا لما كان قبله "العمرالأول كله" أو تدهورًا وانحدارًا عَمَّا كان عليه من قبل "كالانتقال من الرشد إلى الشيخوخة"، إلّا طور أرذل العمر، فوصول المرء إليه يعني اكتمال تدهوره واتصال دائرة النمو الإنساني عنده، فالعلم والخبرة والمهارة والحكمة التي اكتسبها تدريجيًّا طوال سبعين أو ثمانين عامًا من حياته تتلاشى حتى يصبح لا يعلم من بعد علم شيئًا؛ كما يقول الله تعالى:
{وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا} [النمل: ٥] .
كما يشهد طور أرذل العمر ردة كاملة إلى ما كان عليه الحال في المراحل الأولى من الحياة؛ فالانتكاس الذي يصيب سلوك المعمرين في هذا الطور يعود بهم إلى سلوك طفولي يزداد هبوطه وتدهوره إلى مستويات أدنى مع كل إيغال في العمر, وصدق الله العظيم:
{وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ} [يس: ٦٨] .
وطور أرذل العمر لا يتحدد بسنٍّ معينةٍ كما هو الحال في معظم مراحل وأطوار النمو السابقة، وإنما يمكن وصفه بأنه "حال متطرفة" من الشيخوخة تظهر في أيّ وقت منها, ولو أن الأكثر شيوعًا أنها تصاحب الإيغال فيها, فمع التقدم في الشيخوخة تطرأ على الوظائف النفسية والجسمية المختلفة اضطرابات متعددة.
وإذا لم يكن العمر محكًّا ملائمًا لأرذل العمر، فما هي المحكات الملاءمة؟