للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[التغير في النشاط الحركي]

يدرك المسنين أنهم أبطأ حركة, وأقل تآزرًا, وأضعف ثقةً في حركاتهم, مما كانوا عليه في مراحل السابقة, والسبب في ذلك هو نقص القوة والطاقة الذي يصاحب التغيرات الجسمية التي وصفناها آنفًا.

وقد يكون وراء هذا التدهور بعض العوامل النفسية؛ فالمُسِنُّ يعلم أنه قد دخل مرحلة "الأفول"، كما يعلم أن هناك قيمًا اجتماعية تركز على المهارة والقوة والسرعة, وهي جميعًا خصائص "الشباب" الذي ولَّى، بالإضافة إلى أن هناك ما يُذَكِّرُهُ دائمًا بنقصه إزاء من هم أصغر سنًّا, والأثر الانفعالي الناشئ عن هذه العوامل النفسية قد يسرع بالفعل بالتدهور في القدرات الحركية للفرد، أو يهبط بدوافع الفرد لأداء ما يستطيع أداءه, ومع ذلك فإن من حقائق النمو الإنساني في هذه المرحلة أن القدرات الحركية لا يمكن أن تكون على النحو الذي كانت عليه من قبل.

فالواقع أن جميع القدرات الحركية تتعرض للتدهور مع التقدم في السن، إلّا أن بعض هذه القدرات يكون التدهور فيه أسرع من سواه, ولعل أخطر هذه التغيرات ما يطرأ على القوة والسرعة والمهارة.

فبالنسبة للقوة وُجِدَ أن معدل التدهور في قوة قبضة اليد يصل في سن الستين إلى ١٧% من معدلها الأقصى الذي كانت عليه في طور الشباب، وعندما يبلغ المرء سن الخامسة والسبعين تكون القوة القصوى لقبضة اليد معادلة تقريبًا لها عند المراهقين المبكرين في سن بين ١٥-١٦سنة, وبالطبع فإن التدهور في القوة الجسمية يختلف تبعًا لمجموعة العضلات، وأكثر صور الضعف شيوعًا ما يطرأ على عضلات الساعدين، والعضلات التي ترفع الجسم ككل, وأوضح علامات نقص القوة ما يلاحظ على المسنين من سرعة تعرضهم للتعب الجسمي؛ فمع أقل جهد, وفي أقصر وقت, تبدأ الشكوى عند المسنين من هذا التعب.

وفي حالة السرعة نجد أن اختبارات زمن الرجع تبين لنا أن المسنين أكثر بطأً في الاستجابة ممن هم أصغر سنًّا، ويزداد هذا البطء مع زيادة صعوبة العمل الذي يُؤَدَّى, ومن العوامل التي تؤثر في ذلك التعب والضغط والتوتر.

بل إن المهارات التي سبق للمُسِنِّ أن تعلمها في مراحل عمره السابقة تصير أكثر بطيأً أيضًا مع التقدم في السن, ومن ذلك مهارة الكتابة مثلًا, والسبب في ذلك بالطبع هو صعوبات التآزر الحركي المشهودة في هذه المرحلة, ويسير اتجاه تدهور المهارة في عكس اتجاه اكتسابها وتكوينها؛ فالمهارات التي تكونت أولًا تبقى لفترة أطول, بينما المهارات الأحدث تزول بسرعة, إلّا أنه مع التقدُّمِ في السن تتدهور حتى المهارات جيدة التكوين, ويصير المرء في حالةٍ من العجز أشبه ما يكون بعجز الطفولة القديم, ومع ذلك فإن الاستمرار في ممارسة المهارة أو السرعة في بعض التعلُّم الحركي يرجئ حدوث هذا التدهور إلى حين.

<<  <   >  >>