شهدت أوروبا في الفترة بين نهاية العصور الوسطى في القرن الخامس عشر, وعصر التنوير في القرن الثامن عشر, إحياء للنزعة الإنسانية، وشمل ذلك ما سمي بعصر النهضة Renaissance, خلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر.
لقد شهر عصر النهضة ازدهارًا للأدب والثقافة في معظم الأقطار الأوروبية "في الوقت الذي بدأ يخيم على العالم الإسلامي ظلام التخلف والتدهور", وظهر اهتمام واضح بالفروق الفردية والنمو الإنساني, ولعل أوضح الأمثلة أفكار جون آموس كومنيوس Comenius في آخر القرن السادس عشر, التي لخَّص فيها النمو الإنساني في أربع مراحل تتوافق مع المتطلبات التربوية في كل مرحلة, وهي: مرحلة الإدراك "من الولادة حتى ٦ سنوات"، مرحلة الخيال "من ٦-١٢ سنة"، مرحلة التعقل والاستدلال "من١٢-١٨ سنة ٩، مرحلة الطموح "من ١٨-٢٤ سنة".
وفي القرن السابع عشر طرح جون لوك في إنجلترا أفكاره الفلسفية حول الأمبريقية، وهو الاتجاه الفلسفي الذي يرى أن الحواس -وليس العقل- هي مصدر المعرفة الوحيد، وكان بذلك يضاد الموقف الفلسفي الذي طرحه رينيه ديكارت في فرنسا، وهو المذهب العقلي الذي يرى أن العقل -وليس الحواس- هو مصدر المعرفة, إلّا أن ما حدث بعد ذلك أن السيطرة والسيادة كانت للاتجاه الأمبريقي الذي تطورت في إطاره جميع العلوم الإنسانية، ومنها علم النفس.
وأصبح المفهوم الأرسطي القديم "العقل كصفحة بيضاء" tabule rasa نموذجًا للعقل الإنسان, واعتبر النمو عملية تدريجية تراكمية ناتجة عن التعلم المكتسب من الخبرات المختلفة, ولم يعد الطفل "راشدًا مصغرًا", وإنما أبرزت الفروق الجوهرية بين الطفل والراشد, وهكذا سيطرت الخبرة على الفطرة في الفكر الفلسفي والسيكولوجي في أوروبا خلال تلك الفترة.