[الاتجاهات نحو التوائم]
من الشائع أن الأم تنتج بويضة واحدة في المرة الواحدة, ويترتب على ذلك توأمان من النوع الذي يسمى توائم أخوية, والتي يعوزها التشابه في النواحي الجسمية والنفسية, وقد تكون التوائم الأخوية من نفس الجنس أو من الجنسين, ومعنى ذلك أنها تكون مختلفة في الخصائص الوراثية، بل قد تختلف في بيئة ما قبل الولادة "الرحم" من حيث موضع كل منهما في مشيمته وحبله السري.
وقد يحدث أن تنقسم البويضة الواحدة المخصبة إلى قسمين أو أكثر في المراحل الأولى من الإخصاب، وينمو كل قسم إلى شخص كامل مستقلٍّ، وينتج عن ذلك توأمان, أو أكثر, من النوع الذي يسمى التوائم المتطابقة؛ وحيث أن هذه التوائم تنتج من نفس الخلية المخصبة, فإنها تتطابق تطابقًا تامًّا في الخصائص الوراثية.
وبالطبع, فإن لعدد الأجنة في الرحم في المرة الأولى تأثيره على سير النمو, سواء قبل الولادة أو بعدها؛ فالتوائم المتطابقة مثلًا تتشابه كثيرًا في النمو الجسمي والعقلي, بسبب التشابه في العوامل الوراثية, ويؤثر ذلك في أنماط شخصياتهم تأثيرًا يختلف عن الإخوة العاديين, أو حتى التوائم الأخوية "غير المتطابقة", وفي فترة ما قبل الولادة نجد أن وجود أكثر من جنينٍ واحدٍ يجعل الطفل يشارك غيره في مكانٍ مهيأ لطفل واحد، وقد يؤثر هذا التزاحم في النمو الطبيعي لعضلات الأجنة، بل قد يؤدي إلى ولادة مبتسرة "أي: قبل الموعد"، والتي يزيد احتمال حدوثها كلما زاد عدد الأجنة في الرحم, ولذلك كثيرًا ما نجد أن احتمال استمرار حياة التوائم بعد الولادة أقل من احتمال حياة الوليد الواحد.
وفي بيئة ما بعد الولادة, نجد أن اتجاهات الوالدين وطرق تربيتهما للأطفال تختلف بالنسبة للوليد الواحد عنها للتوائم, مما يؤثر في النمو في كلِّ حالة؛ فالأمهات يرفضن أحيانًا التوائم, وكثير من الآباء يحاول أن يهيئ للتوائم بيئةً متشابهة بعد الولادة، ولذلك فعادةً ما يعاملونهم كما لو كانوا ينتمون بعضهم لبعض, ويصدق هذا على التوائم المتطابقة, وعلى التوائم الأخوية من نفس الجنس, وبالطبع يؤثر ذلك في النمو الاجتماعي للتوائم. ففي سنوات ما قبل المدرسة يظهر عليهم ميلٌ للتنافس في جذب انتباه الكبار, وفي محاكاة بعضهم بعضها، وفي اعتماد بعضهم على بعضٍ, أكثر من اعتمادهم على غيرهم, وحين يكبر التوائم يظهر بينهم سلوك التنافس المعتاد بين الأخوة، وكذلك مشاعر النقص؛ لأن كلًّا منهما يعوزه الاستقلال, ويقارن دائمًا بتوأمه في جميع صور السلوك, ولذلك قد ينتج عن ذلك كله مشاعر الإحباط, وكما هو الحال في جميع العلاقات الاجتماعية, قد يقوم أحد التوأمين بدور القيادة, ويقوم الآخر بدور التبعية، ويؤثر ذلك بالطبع في علاقاتهم الاجتماعية بالآخرين.
وقد يصعب على التوائم المتطابقة تنمية الإحساس بالذات؛ لأنه من المستحيل أحيانًا على الطفل في هذه الحالة أن يميز بين ذاته والتوأم باعتباره جزءًا من الآخرين, وهذا النقص في مفهوم الذات يؤدي في كثير من الأحيان إلى الإحباط والصراع, واستجابات العدوان التي تترك أثرها على الشخصية.