خلال طور الرشد المبكر وخاصةً من أوائل العشرينات وحتى أوائل الثلاثينات, يكون الفرد قد وصل إلى قمة نموه البيولوجي والفسيولوجي, وبالطبع لا تصل جميع أجهزة الجسم إلى قمة النموِّ في وقتٍ واحدٍ، بل لا تصل كلها إلى قمة النموِّ خلال هذا الطور من الحياة؛ فكل جهاز من أجهزة الجسم له نمطه الخاص ومعدله المميز في النموِّ, ومن الطريف أن نذكر أن طور الرشد المبكِّرِ يتسم بالنضج والتدهور البيولوجيين معًا, ومع ذلك فإننا حين نفحص الجسم ككلٍّ, يبدو لنا أن هذا الطور هو طور النشاط البيولوجي الأمثل.
فخلال الرشد المبكِّرِ يكون معظم الناس قد بلغوا أقصى طول القامة, وتصل المرأة إلى هذا الحد في سن ١٧ أو ١٨سنة, بينما تطول الفترة بعض الشيء عند الرجل لتصل إلى سن ٢١ سنة تقريبًا, أما الحد الأقصى للوزن فعلى العكس من ذلك لا يصل إليه الإنسان إلّا في الطور التالي "وسط العمر", والوصول إلى قمة القوة الجسمية يتلو عادةً وصول الفرد إلى الطول الأقصى, ولهذا فإن الفرد لا يصل إليها إلّا في منتصف العشرينات أو في أواخرها, أما القدرة على النشاط البدني، والتي لا تَتَطَلَّبُ القوة فحسب, وإنما تَتَطَلَّبُ أيضًا السرعة والتآزر والجَلَدَ "الاحتمال", فإنها تصل إلى حدها الأقصى خلال هذ الطور من العمر، ولهذا يقع معظم الأبطال الرياضيين عادةً في هذه المجموعة العمرية, وبخاصةٍ حتى مطلع الثلاثينات، بعدها نجد أن القوة والنشاط الجسميين يتناقصان تدريجيًّا, ليصل معدل النقص فيهما حوالي١٠% خلال الفترة من ٣٠-٦٠ سنة.
وكذلك فإن عددًا من الوظائف الحسية والعصبية تصل إلى مستوياتها القصوى خلال الرشد المبكر، فالحدة البصرية والسمعية يبلغان أقصى قوتهما في سن العشرين تقريبًا، وتظل الحدة البصرية ثابتة نسبيًّا في مرحلة وسط العمر، بينما تظهر حدة السمع تناقصًا تدريجيًّا خلال نفس الفترة, وبالإضافة إلى ذلك, فإن الوزن الكليِّ للمخ, والأنماط الناضجة للموجات الكهربائية للمخ, يَتِمُّ اكتمالهما