لا يتسع المقام لتناول المفهوم من مختلف الاتجاهات اللغوية والفلسفية والاجتماعية والنفسية, حسبنا أن نشير إلى الفصل العام الذي كتبه سترنبرج نفسه في الكتاب المشار إليه, وفيه يحاول تناول العلاقة بين الحكمة والذكاء والإبداع, من خلال بضع دراسات أولية قام بها مع عدد من زملائه وتلاميذه بدأت عام ١٩٨٦.
وقد بدأ المشروع باستطلاع رأي عدد من أساتذة الفن والإدارة والفلسفة والعلوم الاجتماعية, بالإضافة إلى عدد من الأفراد العاديين حول أنماط السلوك التي يمكن أن يتصف بها كلٌّ من الشخص الحكيم والذكي والمبدع، وتَمَّ التوصل إلى أكثر من مائة مؤشر سلوكي, ثم طلب من عدد أكبر من الأساتذة المتخصصين في مختلف جوانب المعرفة أن يقدروا كل مؤشر من هذه المؤشرات في ضوء إدراكهم لطبيعة كل فئة من الفئات الثلاث للقدرة: الحكمة، الذكاء، الإبداع.
وحُسِبَتْ معاملات الارتباط بين التقديرات المختلفة للقدرات الثلاث, وأظهرت النتائج أن أعلى معاملات الارتباط كانت بين الحكمة والذكاء بوسيط معاملات ارتباط٠.٦٨, أما أدنى هذه المعاملات فبين الحكمة والإبداع "وسيط معاملات الارتباط ٠.٢٧," أما العلاقة بين الذكاء والإبداع فكانت في منزلة متوسطة "وسيط معاملات الارتباط ٠.٥٥".
وفي دراسة أخرى قام الباحث نفسه باختيار المؤشرات السلوكية الأربعين التي تقع على رأس قائمة التقديرات لكلٍّ من الحكمة والذكاء والإبداع, والتي توصلت إليها النتائج السابقة، وطلب من عينة طلاب الجامعة تصنيف هذه المؤشرات البالغ عددها ١٢٠ مؤشرًا إلى أيّ عدد من الفئات, ثم أخضع هذه التصنيفات لأسلوب التحليل المتعدد الأبعاد اللامتري nonmetric multidimentional "وهو بديل التحليل التعاملي", وتوصل الباحث إلى مكونات كلٍّ من الحكمة والذكاء والإبداع على النحو الموضح في الجدول "٢٠-١".