لم يكتب للأفكار اليونانية أن تبقى طويلًا في صورتها الأصلية، ولكنها أثرت تأثيرًا كبيرًا في الفلسفة الإسلامية وفي فلسفة العصور الوسطى في أوربا, وفي كل الأحوال اعتبر العقل أو الذهن الخاصية المشتركة في الإنسان, والتي تميزه عن الحيوان, ومن المعروف أن آراء أرسطو في النفس لم تنتقل إلى أوروبا إلّا عن طريق فلاسفة العرب والمسلمين؛ كالفارابي وابن سينا والغزالي وابن رشد وموسى بن ميمون.
إلّا أننا لا نكاد نجد إلّا إشارات متفرقة إلى موضوع النمو الإنساني, ومن ذلك مثلًا ما نلاحظه في تنظيم جماعة إخوان الصفا التي ظهرت في القرن العاشر الميلادي "الرابع من الهجرة" والذي يتكون من أربع طبقات "دي جور، ترجمة محمد عبد الهادي أبو ريده، ١٩٨٣":
١- شبان يتراوح عمرهم بين ١٥-٣٠ عامًا, تنشأ نفوسهم على الفطرة، وهم في دور التلمذة وعليهم الانقياد لأساتذتهم.
٢- رجال بين ٣٠-٤٠ سنة, تفتح لهم أبواب الحكمة الدنيوية, ويتلقون معرفة بالأشياء بطريق الرمز.
٣- أفراد بين ٤٠-٥٠ سنة, وهم يعرفو الناموس الإلهيّ معرفةً كاملة مطابقة لدرجتهم.
٤- أفراد تتجاوز أعمارهم الخمسين عامًا وهم أرقى الطبقات، ويشهدون حقائق الأشياء على ما هي عليه.
ومن الواضح من التقسيم السابق أنه لم يشر إلى مرحلة الطفولة، إلّا أنهم في بعض رسائلهم أشاروا إليها، ووصفوا نفس الطفل في أول أمرها "كصحيفة بيضاء" لم ينقش عليها شيء، وكل ما تحمله إليها الحواس الخمس تتناوله القوة المتخيلة وتحميه.. ثم تدفعه إلى القوة المفكرة.. فتميز بعضه من بعض، وتعرف الحق من الباطل، ثم تؤديه إلى الحافظة.." "دي جور، ترجمة عبد الهادي أبو ريده، ١٩٣٨: ١٨٠".
ويبدو لنا في هذا القرن آثار الأمبريقية التي وضع أصولها أرسطو.