يمكن القول أن لسيكولوجية النمو هدفين أساسيين: أولهما الوصف الكامل والدقيق قدر الإمكان للعمليات النفسية عند الناس في مختلف أعمارهم, واكتشاف خصائص التغير الذي يطرأ على هذه العمليات في كل عمر. وثانيهما تفسير التغيرات العمرية "الزمنية" في السلوك, أي: اكتشاف العوامل والقوى والمتغيرات التي تحدد هذه التغيرات، والهدف الثاني حديث نسبيًّا، فمن الوجهة التاريخية يمكن القول أن البحث في هذا الميدان منذ نشأته حتى وقتنا الحاضر, تركز على دراسة طبيعة التغير ومعدلاته في الجوانب المختلفة للسلوك؛ مثل: القدرة الحسية والحركية، ووظائف الإدراك والذكاء, والاستجابات الاجتماعية والانفاعالية وغيرها, وهي جميعًا تدخل في باب الوصف, وقد ازداد الاهتمام في السنوات الأخيرة بهدف التفسير, ثم أضيفت أهداف أخرى تتصل بالرعاية والمعاونة والتحكم والتنبؤ، أو باختصار التدخل في التغيرات السلوكية.
١- وصف التغيرات السلوكية:
على الرغم من أن هدف الوصف هو أبسط أهداف العلم إلّا أن أكثرها أساسية، فبدونه يعجز العلم عن التقدم إلى أهدافه الأخرى، والوصف مهمته الجوهرية أن يحقق للباحث "فهمًا" أفضل للظاهرة موضع البحث. ولذلك, فالباحث في علم نفس النمو عليه أن يجيب أولًا على أسئلة هامة مثل: متى تبدأ عملية نفسية معينة في الظهور؟ وما هي الخطوات التي تسير فيها, سواءً نحو التحسن أو التدهور؟ وكيف تؤلف مع غيرها من العمليات النفسية الأخرى أنماطًا معينة من النمو؟
خذ مثلًا على ذلك: إننا جميعًا نلاحظ تعلق الرضيع بأمه، وأن الأم تبادل طفلها هذا الشعور، والسؤال هنا: متى يبدأ شعور التعلق attachment في الظهور؟ وما هي مراحل تطوره؟ وهل الطفل المتعلق بأمه تعلقًا آمنًا يكون أكثر قدرة على الاتصال بالغرباء, أم أن هذه القدرة تكون أكبر لدى الطفل الأقل تعلقًا بأمه؟ هذه وغيرها أسئلة من النوع الوصفي.
ويجاب عن هذه الأسئلة بالبحث العلمي الذي يعتمد على الملاحظة، أي: من خلال مشاهدة الأطفال والاستماع إليهم، وتسجيل ملاحظتنا بدقة وموضوعية.
وكانت أقدم الملاحظات المنظمة المسجلة التي تتعلق بنمو الأطفال ما يسمى:"سير الأطفال", والتي ظهرت في أواخر القرن الثامن عشر, وخلال القرن التاسع