للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عشر، وتتلخص في وصف نمو طفل واحد "هو في العادة ابن الباحث أو قريبه" في محاولة لتتبع التغيرات في النواحي الحسية والحركة واللغوية والقدرة العقلية.

وعلى الرغم من أن هذه الأعمال لا تعد من نوع الملاحظات العلمية؛ لأنها تتسم بالتحيز والانتقائية, إلّا أنها أثارت اهتمامًا كبيرًا بدراسة الأطفال, وبالمشكلات الجوهرية في سيكولوجية النمو.

وفي نهاية القرن التاسع عشر, أجرى عالم النفس الأمريكي ج. ستانلي هول, أول بحث منظم حول ما أسماه: "محتويات عقول الأطفال"، وقد استخدم لأول مرة مجموعة من الأسئلة يمكن أن يجيب عنها كتابة مجموعات كبيرة من الأطفال. وأعدت هذه "الاستخبارات" لجمع معلومات عن سلوك الأطفال والمرهقين، واتجاهاتهم وميولهم, وقد كان غرض هول -مثل غرض كتاب سير الأطفال- وصف طبيعة "محتويات العقول" وصفًا دقيقًا، ويشمل ذلك الأفكار والمشاعر والانفعالات.

وبزيادة الاهتمام بميدان سيكولوجية النمو ابتكر علماء النفس طرقًا أفضل, وجمعوا بيانات أدق تصف لنا الجوانب المختلفة للنمو, وقد زودتنا نتائج هذه البحوث الوصفية بثروة هائلة من الحقائق الجزئية التفصيلية إلى حد يدفعنا إلى القول بأنه: لا يوجد فرع آخر من فروع علم النفس توافر له ما توافر لعلم نفس النمو من تفاصيل ودقائق المعرفة.

والغرض الذي يسعى إليه الوصف في العلم هو تحقيق درجة عالية من الفهم، ولا شك أن ما يعيننا على مزيد من الفهم, أن ملاحظتنا الوصفية في مجال علم نفس النمو لا تكون عادة منفصلة، وإنما تتخذ في الأغلب صورة النمط أو المتوالية، وحالما يستطيع الباحث أن يصف اتجاهات نمائية معينة, ويحدد موضع الطفل أو المراهق أو الراشد فيها, فإنه يمكنه الوصول إلى الأحكام الصحيحة حول معدل نموه، وهكذا نجد أن هدف الوصف في علم نفس النمو يمر بمرحلتين أساسيتين؛ أولاهما: الوصف المفصل للحقائق النمائية، وثانيتهما: ترتيب هذه الحقائق في اتجاهات أو "أنماط" وصفية كما يسميها فشبن "Fishbein, ١٩٨٤: ٧", وهذه الأنماط قد تكون متآنية في مرحلة معينة، أو متتابعة عبر المراحل العمرية المختلفة.

٢- تفسير التغيرات السلوكية:

الهدف الثاني لعلم نفس النمو هو التعمق فيما وراء الأنماط السلوكية التي تقبل الملاحظة، والبحث عن أسباب حدوثها, أي: هدف التفسير, والتفسير يعين الباحث على تعليل الظواهر موضع البحث من خلال الإجابة على سؤال: لماذا؟ بينما

<<  <   >  >>