والسؤال الذي يجب أن نطرحه الآن هو: ما هي الأسرة؟ وما هو الدور الذي تلعبه في حياة الوالدين والأبناء؟ وعلى الرغم من أن الإجابة على هذين السؤالين تبدو واضحة من أول وهلةٍ, إلّا أن التأمل العميق فيهما يكشف عن مدى تعقدهما.
ونبدأ بتعريف الأسرة فنقول: إن الأسرة يمكن تعريفها بنيويًّا أو وظيفيًّا, والتعريف البنيوي يركز على نمط التنظيم الذي يميز هذه الوحدة المجتمعية، وعلى تحديد أعضاء هذه الوحدة، وكيفية ارتباطهم بعضهم ببعض، وطبيعة العلاقات الاجتماعية بينهم. أما التعريف الوظيفي للأسرة فيركز على أنشطتها وعلى الدور الذي تلعبه في حياة أفرادها "Garrett ١٩٨٢".
والمفهوم الوظيفي للأسرة يتضمن أنها تتألف من أبٍ وأم وطفل أو أكثر، لكلٍّ منهم أدواره ومسئولياته، وتتوزع هذه الأدوار والمسئوليات على نحوٍ محدد؛ حيث الأب هو العائل, والأم ترعى جبهة المنزل, وهذا الفصل بين الأدوار والمسئوليات داخل بنية الأسرة عميق الجذور في المجتمع الإنساني, ويرى لامب "lamb١٩٨٢" أن ذلك يقوم على أربعة افتراضات أساسية حول حياة الأسرة وهي:
١- الأطفال يحتاجون إلى والدين؛ أحدهما امرأة هي الأم, وثانيهما رجل هو الأب.
٢- توزيع مسئوليات الأسرة يجب أن يعكس الأدوار الجنسية السائدة في تهيؤٍ لمواجهة تحديات عالم العمل.
٤- الرعاية الأولية للأطفال الصغار يجب أن يوفرها أعضاء الأسرة.
إلّا أن هذه الافتراضات تعرضت لتحدين رئيسيين نعرضهما ونناقشهما فيما يلي:
١- تعدد أنماط الأسرة: يرى البعض أنه على الرغم من أن معظم الأسر يتكوّن بالطريقة المعتادة: زواج رجل وامرأة ثم إنجاب الأطفال، فإن استقرار هذه الوحدة المجتمعية قد يهتز أو ينهار، فبعض هذه الأسرة ينهار بسبب الانفصال أو الطلاق, وزيادة معدلات الطلاق أدت إلى زيادة عدد البيوت التي يعيش فيها والد واحد منفرد أو مع الأولاد, وعلى الرغم من أن معظم الذين يطلقون يتزوجون مرة أخرى، إلّا أن الأبناء من الزواج الأول يعيشون في الأغلب مع أحد الوالدين دون الآخر، وفي بعض الحالات المتطرفة قد يودع الأطفال في الملاجئ أو مؤسسات الرعاية محرومين تمامًا من رعاية الوالدين معًا, أضف إلى ذلك أن زيادة معدلات الهجرة للخارج أثرت تأثيرًا كبيرًا على بنية الأسرة الحديثة؛ ففي مصر مثلًا توجد الآن أسر كثيرة يعيش أبناؤها بضع سنوات من عمرهم مع والد