للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البعض الآخر يرى أن نتائج الدراسات التي أجريت على حاسة الذوق متناقضة, ومثلها نتائج حاسة الشم, ويوجد فرضٌ شائعٌ في هذا الميدان, وهو أن التدهور يلحق الأجزاء الطرفية من عضو الحس بينما الأجزاء المركزية فيه لا تتأثر, إلّا أن بعض الأدلة الحديثة تؤكد أن عمليات التجهيز المركزي للمعلومات الحسية تتأثر أيضًا وبشكل مستقلٍّ عن الأجزاء الطرفية, وقد يرجع ذلك إلى أن الخلايا الوظيفية في الجهاز العصبي يتناقص عددها مع التقدم في العمر, وتُوجَدُ نتائج علمية تؤكد أن مستوى النشاط العصبي العشوائي يزيد مع العمر، وقد يحدث ذلك نتيجةً لبطء التحرر من آثار الاستثارة السابقة, وهذه التغيرات جميعًا تؤدي إلى نقصان كفاءة الجهاز العصبي في تمييز الإشارات "المثيرات".

ويرى بعض الباحثين الآخرين أن التدهور في حاستي الذوق والشم خاصةً, قد يرجع في جوهره إلى بعض الظروف المرضية, أو إلى بعض العادات المتأصلة مثل التدخين أو إدمان المسكرات والمخدرات, وعلى كلٍّ فإنه نتيجة لصعوبات الذوق والشم يعاني المسنون من فقدان الاهتمام بالطعام, مما يؤدي إلى بعض مشكلات التغذية, والإصابة بالأمراض على النحو الذي أشرنا إليه فيما سبق.

وإذا كان معظم هذه التغيرات الحسية يقدم لنا صورة متشائمة من الشيخوخة، فإننا يجب أن نوضح أنه باستثناء الحالات المتطرفة -التي تحدث عادة في طور أرذل العمر- فإن هذه التغيرات لا تمنع المسن العادي من أن يعيش حياته الطبيعية, وكثير من الابتكارت التكنولوجية الحديثة؛ مثل: التليفونات التي تكبر الصوت والمعينات السمعية والنظارات الطبية, أعانت المسنين على أن يعيشوا حياة راضية, على الرغم من الكفاءة المتناقصة للجسم. وفي الواقع فإنه لا تحدث مشكلات توافق حسي للمسنين إلّا تحت شروط الضغط والإجهاد, وحينئذ تصبح النقائص المرتبطة مصدرًا لسوء التوافق لديهم, ففي حالة الحزن الشديد لوفاة صديق أو قريب يشعر المسن بالعجز عن فهم ما يسمع، وقد يؤدي به ذلك إلى الانسحاب إلى الذات, وغلق نوافذ الاتصال بعالمٍ يشعر أنه مختلط مخيف يحيط به من كل جانب.

<<  <   >  >>