وفي كلتا الحالتين: النضج والتعلم, قد تدل التغيرات على تحسن أو تدهور, وعادة ما يكون التدهور في الحالتين في المراحل المتأخرة من العمر "فؤاد أبو حطب ١٩٧٢، ١٩٧٥".
وهكذا يمكن القول أن المعنى السابق لكلمتي "تنمية" و"ارتقاء", متضمن في استخدام كلمة "نمو", الأكثر شيوعًا واستخدامًا في اللغة السيكولوجية العربية، ولهذا فإن موقفنا في هذا الكتاب هو اسخدام كلمة "نمو" لتدل على التغيرات الارتقائية أو التنموية التي أشرنا إليها, ولعل مما يفيد أغراض هذا الاستخدام أن من معاني كلمة Development الإنجليزية, كلمات مثل: نمو Growth, وتطور Evolution, وفيهما لا تتبع حالة معينة حالة أخرى فحسب، وإنما لا بد أيضًا أن تنبثق الحالة الراهنة من حالة سابقة, وقد يكون النمو أو التنمية في هذه الحالة تدريجيًّا "أي: تطور", أو تحوليًّا "أي: ثورة" Revolution.
أما التغيرات غير النمائية, فإنها على العكس تعد نوعًا من حالة الانتقال التي لا تتطلب ثورة, أو تطورًا, أو تنمية بالمعنى السابق؛ فالشخص قد يغير ملابسه إلّا أن ذلك لا يعني نموًّا, فتتابع الأحداث في هذا المثال لا يتضمن وجود علاقة بين الحالة الراهنة للشخص وحالته السابقة, ومن السخف، بل من العبث، أن نفترض مثلًا أن ملابس الشخص التي كان يرتديها في العام الماضي نمت بالتطور أو الثورة إلى ما يرتديه الآن.
وهناك خاصية أخيرة في التغيرات النمائية أنها شبه دائمة باعتبارها نتاج كلٍّ من التعلم والنضج، وفي هذا تختلف عن التغيرات المؤقتة أو العارضة أو الطارئة؛ مثل: حالات التعب أو النوم أو الوقوع تحت تأثير مخدر، فكلها ألوان من التغير المؤقت في السلوك, ولكنها ليست نموًّا؛ لأن هذه التغيرات جميعًا تزول بزوال العوامل المؤثرة فيها, وتعود الأحوال إلى ما كانت عليه من قبل.