من حياة الجنين عن طريق الانقسام, إلّا أن زيادة عدد الخلايا في هذا الطور "النطفة الأمشاج" لا يؤدي إلى زيادة الحجم تغيرًا محسوسًا، ولذلك تظل النطفة الأمشاج ذات حجم ثابت تقريبًا؛ لأنها لا تتلقى غذاء، اللهم إلّا القليل الذي يوفره صفار البويضة, إلّا أنها حالما تلتصق بجدار الرحم -وتصحب علقة- تبدأ عملية التغذية التي تؤدي إلى زيادة الحجم.
وإذا كانت تسمية النطفة الأمشاج -كما بينا- تسمية كيميائية، فإن تسمية الطور الثاني من تكوين الجنين "العلقة" تسمية تشريحية مجهرية "ميكروسكوبية", وكلا الطورين وتسميتهما القرآنية إعجاز علميٌّ لا يمكن أن يصدر إلّا ممن هو بكل خلق عليم؛ فالميكروسكوب لم يخترع إلّا في القرن السابع عشر الميلادي, ولم يتطور علم الأجنة إلّا بعد ذلك بقرنين.
والجنين في طور العلقة لا يتجاوز قطره أجزاء من الميلليمتر يتعلق برحم أمه لتغديه من دمها, كما تتعلق "علقة الحجام بجسد المخلوقات التي تتغذى عليها""عدنان الشريف، ١٩٨٧-١٩٨٨". والجنين منذ هذا الطور من حياته وحتى ولادته, يعيش في محيطٍ مائيٍّ معلقًا برحم أمه بواسطة الحبل السري أو المعلاق, والعلق يعيش في الماء.
ويمتد طور العلقة لمدة أسبوع، وبنهايته يكون الجنين قد بلغ من العمر ١٥ يومًا تقريبًا, وحالما تلتصق العلقة بجدار الرحم في اليوم السابع من الحمل تقريبًا يمكن لها الاستمرار في الحياة، بسبب التغذية التي تأتيها من الرحم، ولعل أهم إنجازٍ يحدث حينئذٍ هو إفراز هورمون يمنع الأم من إفراز العادة الشهرية، وبالتالي تهيئة الرحم الذي تلتصق به العلقة "أو العلق" على نحوٍ أفضل, ويتوزع هذا الهرمون على جسم الأم كله, ويظهر في البول، وظهوره علامة إيجابية على الحمل في الاختبارات التي يجريها الأطباء, وفي بعض الحالات تستمر المرأة في الحيض حتى يملأ الجنين تجويف الرحم, وحينئذ فقط لا يمكن للعادة الشهرية أن تحدث, وهذه هي العدة كما حددها الفقه الإسلامي, والتي يمكن أن يحدث فيها الحمل مع وجود الحيض, أي: الشهور الثلاثة الأولى للحمل, وبعدها تنقطع العادة الشهرية تمامًا, ولم يكن العرب أو غيرهم من الشعوب وقت نزول القرآن الكريم يعرفون هذه الحقائق العلمية، ولكن القرآن الكريم ذكرها وأصبحت الشريعة الإسلامية تنص عليها في عدة المطلقة والأرملة "راجع الفصل الثالث".