الوجه عند الآخرين, وهنا تظهر على وجه الخصوص "استجابة تمييزية" للأم مع استمرار الاستجابة للآخرين, ويستخدم الأصوات والإيماءات والمناغاة ولغته البدائية في الاتصال بالآخرين.
كما يمكنه التمييز بين "الأصدقاء والغرباء", وفي هذا الوقت يظهر الطفل تعلقًا واضحًا ومحددًا بالأم, ويظهر سلوك التعلق Attchment هذا في صورٍ عديدةٍ؛ منها: الابتسام للأم, وإصدار الأصوات لها دون غيرها من الآخرين, وبالصراخ والبكاء حين يحمله شخصٌ آخرٌ غير الأم، والصراخ والبكاء أيضًا حين تتركه أمه. وقد شغلت مسألة العلاقة بين الأم وطفلها الرضيع اهتمام الباحثين منذ زمن بعيد, ولعلَّ أفضل من عَبَّرَ عنها في العصر الحديث العالم البريطاني بولبي Bowlby, حين صَكَّ في عام ١٩٥٨ مصطلحه الشهير "التعلق"، وهو سلوك يظْهَرُ في الطفل منذ شهره السادس, يهيئ له شعورًا بالأمن، كما يزوده مصدر للشعور بالقوة والهوية يتطور فيما بعد ليصبح نقطة انطلاقٍ للشعور بالتمايز والاستقلال, ويُعَدُّ هذا السلوك مهمًّا في تكوين علاقات اجتماعية وانفعالية لها مغزًى, والتي تلعب دورًا رئيسيًّا في النمو الاجتماعي في المستقبل.
وفي الشهر الثامن أو التاسع يحاول الطفل محاكاة كلام الآخرين ونشاطهم وإيماءاتهم, وعند اكتمال العام الأول يتوقف عن الفعل عندما يسمع التحذير أو النهي, وفي منتصف العام الثاني يبدو سلوك "الخُلْفَة" Negativism, في صورة سلوك العناد والمقاومة لمطالب الكبار, وتتمثل الخُلْفَةُ في المقاومة الجسمية والصمت والانسحاب, وفي نهاية العام الثاني يمكنه أن يتعاون مع الكبار في أداء بعض الأعمال الروتينية، ويكون في حالة أكثر اتزانًا تجعله أكثر اجتماعية في سلوكه.
بداية الاهتمام باللعب:
يتسم لعب الرُّضَّعِ بأنه حُرٌّ تلقائيٌّ وأنه تعوزه القواعد والتنظيمات, وأَمْيَلُ إلى اللعب الفرديّ, ويحصل الرضيع على أبسط صور المتعة حينما تتعرض حواسه للاستثارة, ومن اللعب بأطرافه, وعندما يصل الطفل إلى سن ثلاثة شهور يمكنه استخدام لعب الأطفال بعد نموّ قدرته على التحكم في يديه, وفي هذه الفترة يشتق المتعة أيضًا من تقلبه على الظهر والجنبين والرفس, والوصول إلى أصابع القدم ومراقبة حركة أصابعه, وبين الشهر الخامس والثامن يصبح اللعب أقلّ عشوائية, ويزداد انتظامًا خلال السنة الثانية من العمر، ويمكن أن يستخدم اللعب في أنشطة عديدة, ومع تعلم المشي يندمج الطفل في هذا النشاط.
وبسبب نقص التآزر العضلي في هذه المرحلة فإنه عادةً ما يكون "مخربًا" للعبه, وفي محاولاته للأشياء الموجودة في بيئته, وبالطبع هو لا يعني تحطيم الأشياء. وفي سن ١٨شهرًا يحاكي الكبار, فيحضن اللعب المفضلة, ويقلدهم في قراءة الصحف, وفي هذه الفترة يكون لِعْبَه فرديًّا، ويكون دوره في حالة وجود أطفال آخرين هو دور المشاهد, وفي النصف الثاني من العام الأول يكون اللعب مع الآخرين متوازيًا, وفي تعامل الطفل مع أقرانه لا يوجد تفاعل "الأخذ والعطاء" ذو الطابع الاجتماعي، وإنما الشائع هو انتزاع الأشياء من الآخرين.