ومن أمثلة الاستدلال التحولي عند الطفل أن يتعامل مع كلبٍ أليف في المنزل "أ", فإذا رأى كلبًا غير أليف في الشارع "ب", فإنه قد يتعامل معه بنفس الطريقة التي يتعامل بها مع كلب الأسرة, ويكون استدلاله في هذه الحالة على النحو التالي:
أ- كلب.
أ- كلب أليف.
ب- كلب.
ب- كلب أليف.
وقد يقتنع الطفل في هذا الطور بهذه الطريقة في التفكير, ويخدعه مظهرها المنطقي, وتبدو مقنعة تمامًا كما تبدو طريقة التفكير الاستقرائي والتفكير الاستنباطي عند الكبار، على الرغم من أن النتيجة التي توصَّلَ إليها غير صحيحة بالضرورة.
وهناك خاصية أخرى لمرحلة ما قبل المفاهيم, هي خاصية التمركز حول الذات، وهي خاصية تختلف عَمَّا كان سائدًا في الطور السابق, إن التمركز حول الذات في طور الرضاعة يتمثل في الخلط بين الذات والبيئة، أما في هذا الطور فيظهر في صورة عدم قدرة الطفل على تمييز منظوره الشخصيّ عن منظور الآخرين, ويسلك الطفل في هذا الطور كما لو أن الآخرين يدركون عالمه بنفس الطريقة التي يدرك بها هو هذا العالم, ولعل من الأشياء الطريفة التي يلاحظها الوالدان على أطفالهم حينئذ, أن يغمض الطفل عينيه ثم يقول لهما "إنكما لا ترياني"، وهو ما يمكن أن نسميه "سلوك النعامة"، فهو طالما لا يراهما, فإنه يفترض أنهما بالضرورة لا يريانه، فمنظوره الشخصي هو منظورهما أيضًا كآخرين, ويوجد مثال آخر يذكره الطفل كثيرًا, وهو أن الشمس أو القمر يتبعاه حيثما يكون, وهناك مثال ثالث من حياتنا الشخصية حينما رأى نجلنا خالد "وهو في الطور من النمو" من نافذة السيارة وهي واقفة في الطريق الزراعي, ومن بعد جمالًا تحمل أحمالًا من النباتات الخضراء فصاح قائلًا "شجر بيمشي", وهكذا يتسم تفكير الطفل في هذا الطور بعدم القدرة على إدراك الموضوع, وقد استنتج البعض من ذلك: أن قدرات الطفل على التقمص الوجداني للآخرين أو التعاطف معهم تكون محدودة للغاية, إلّا أن البحوث الحديثة أكدت أن الطفل الصغير الذي لا يتجاوز عمره سنتين لديه القدرة على إظهار بعض علامات التعاطف نحو طفلٍ مصابٍ أو مضطرب, بل إن البحوث أكدت أيضًا أن صغار الأطفال يعرفون أن للآخرين إدراكاتهم الخاصة "Flavel Flavel ١٩٧٧", وقد تكون الصعوبة الجوهرية لديه عدم إدراك ذاته كأحد موضوعات البيئة.