للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معنى في المراحل السابقة, ولا يزيد فهمه للبيئة عن طريق التعليم الرسمي الذي يتلقاه في المدرسة فحسب, ولكنه يزيد أيضًا من وسائل الإعلام, وخاصة السينما والراديو والتليفزيون والفيديو, ومن تبادل الأفكار مع أقرانه، ومن قدرته على القراءة, وبالنمو السريع في تكوين مفاهيم جديدة في هذا العمر مع عدم وجود وفرة كافية من المعلومات تقوم بدور المراجعة النقدية على تكوين هذه المفاهيم, تكثر لدى الطفل الأخطاء؛ فكثيرًا ما يخطئ في تقدير الزمن، كما قد يكوّنُ مفهومًا خاطئًا عن الذات إذا قلَّلَتْ الجماعة من قدراته, أو بالغت في تقديرها, وقد يمارس حاسة الفكاهة بشكل فج، وقد يحكم على الشخصية الكلية للآخر في ضوء سمة أو سمتين فقط, وليس في ضوء نمط الشخصية ككل, وبمرور الوقت, وبزيادة الخبرة, يصبح الطفل أكثر نقدًا في تقديراته, ويصاحب ذلك نقصان تدريجي في أخطاء الإدراك.

ومن خبرات الطفل المباشرة يكتشف معنى المكان، وباستخدام المقاييس المختلفة "الأوزان والأطوال" يتعلم معنى الوزن بالجرام والكيلو جرام, والقياس بالسنتيمتر والمتر والكيلو متر, ويساعده العمل المدرسي في الحساب على تكوين أفكار أوضح عن المكان والمسافة, مما لو ترك وحده لخبراته الشخصية. كما أن الأعداد تأخذ معانٍ جديدة عندما يبدأ في استخدام النقود, وحين يبدأ في حلِّ مسائل الحساب, ودراسة التاريخ والجغرافيا, مع التأكيد على عادات وتقاليد وطرق حياة الناس في البلدان الأخرى, وفي عصور مختلفة من التاريخ تزيد من معنى مفهوم الزمن, حتى الجدول المدرسي واليوم المدرسي, وما يصاحب ذلك كالجرس والحصص على فترات منتظمة, تساعد الطفل على تقدير الزمن بدقة أفضل مما كان يفعل في المراحل السابقة.

ومن الخبرات الواسعة في المدرسة يمكن لطفل مرحلة الطفولة المتأخرة أن يكوّن مفاهيم واقعية عن الأشياء الصحيحة, فلم يعد مستساغًا أن يعزو صفات الحياة إلى جميع الأشياء غير الحية, كما كان يفعل من قبل. وبعض الأطفال في هذا السن يواجهون صعوبة التمييز بين ما هو حي, وما فيه صفات حية؛ مثل القمر والنهر. كما أنه يصبح واقعيًّا حول مفهوم الموت ويدرك معناه, إلّا أنه لا يهتم كثيرًا بما بعد الموت, ويعود هذا إلى عدم اهتمامه عمومًا في هذا السن بالدين كموضوع شخصي, ويزداد مفهوم الذات وضوحًا عندما يرى الطفل نفسه في عيون المعلمين والأقران, وليس في عيون الوالدين فقط, ويستفيد أيضًا في توضيح مفهومه عن ذاته بالمقارنة بين قدراته الآخرين من زملائه, ويصبح واعيًا بالفروق الجنسية, والأدوار الجنسية التي هي بطبيعتها جزء من مفهوم الذات.

<<  <   >  >>