الواقع الموضوعي", وطفل هذه المرحلة يميل إلى التفكير في نفسه كفردٍ متميزٍ ومختلف عن الآخرين, ولا تكون لديه أفكار واضحة ومحددة عن قدراته ونواحي قصوره, كما لا يكون متأكدًا من الطريقة التي يتقبله بها الآخرون, وبسبب هذه المشاعر الخاصة بانعدام الأمن يحاول الطفل أن يتَّبِعَ النمط المقبول لدى الجماعة التي ينتمي إليها, ويشكل نفسه في هذا النمط تشكيلًا كبيرًا قدر الإمكان.
وحين تقترب هذه المرحلة من نهايتها, ويبدأ الطفل في تقدير البطولة كما تتمثَّل في الشخصيات التاريخية أو نجوم المسرح أو السينما أو عالم الألعاب الرياضية أو القادة السياسيين, يبدأ في تكوين مفهوم الذات المثالية، أي: نوع الشخص الذي يجب أن يكون عليه, وفي البداية يكون هذا المثل الأعلى منمطًا على أساس ما يوجد في عالمه الواقعي من آباء ومعلمين وغيرهم ممن هم في بيئته المباشرة, ولكن مع اتساع آفاقه تمتد مثله العليا ويصبح بعض الأشخاص الذين لا يعرفهم, ولكن يسمع عنهم أو يقرأ حولهم, هم نواة هذه الذات المثالية.
ولأن الطفل في هذه المرحلة يقضي وقتًا أطول مع الأطفال الآخرين, فإنه يكون أكثر وعيًا بوجود بعض صفات الشخصية التي يقدِّرُها الأطفال الآخرون, ووجود صفات أخرى لا يحبونها. وبالطبع لكلِّ جنسٍ من الجنسين قائمة الصفات التي يقدرها, ويؤدي ذلك إلى تكوين عادات معينة ترتبط بجنس الطفل, وبذلك تلعب ضغوط الجماعة دورًا هامًّا في تشكيل شخصية الطفل، فيسعى إلى بناء شخصيته بالصورة التي تقبلها الجماعة على أمل أن يكسب الاعتراف والتقبل اللذين يسعى إليهما.
وتتغير بالطبع المثل العليا لسمات الشخصية المقبولة بالتقدم في العمر, كما توجد فروقٌ في هذه السمات حسب المستوى الاقتصادي الاجتماعي, ومع ذلك توجد بعض السمات المشتركة؛ ففي جميع الفئات الثقافية نجد أن من المستحب أن يكون الولد أكثر عدوانية من البنت, كما أن الفروق الثقافية تتضح في درجة نمو المسئولية لدى الطفل, ومع التقدُّمِ في العمر, فإن شخصية الطفل تصبح أقل مرونةً وأكثر ثبوتًا في نمط محدد. وفي بداية حياة الطفل داخل المدرسة تظهر أعراض بعض اضطراب الشخصية, وقد تتزايد هذه الأعراض وتزداد سوءًا ما لم تُقَدَّمُ خدماتٌ علاجية, والصور الشائعة لأنماط الشخصية التي تنبئ باضطرابات في المستقبل هي ما يتميز بالانسحاب والاستثارة الشديدة ورفض السلطة ومقاومتها والاكتئاب المزمن والقلق المستمر.